رواية حكايات بنات روميساء وسليم كاملة جميع الفصول

رواية حكايات بنات روميساء وسليم للكاتبة الاء محمد هي حكاية تنبض بالمشاعر وتفيض بالصراعات الداخلية والخارجية، حيث تتقاطع الأقدار وتتشابك المصائر في قصة حب مختلفة لا تخضع للمنطق أو الزمن.في رواية حكايات بنات، يعيش القارئ حالة من الانجذاب العاطفي والتوتر النفسي، وسط أحداث متسارعة تكشف أسرارًا مدفونة وقرارات مصيرية تغير كل شيء. الرواية لا تقدم حبًا مثاليًا، بل واقعيًا، مليئًا بالتحديات والتضحيات.

رواية حكايات بنات روميساء وسليم كاملة جميع الفصول

رواية حكايات بنات من الفصل الاول للاخير بقلم الاء محمد

عانس!
أنا يا بابا أتجوز عانس؟!
من قلة البنات في الدنيا؟!
أنا أموت أعزب ولا أتحط في الموقف ده."
•الاب يقوم من مكانه،بغضب: 
عيب الكلام ده يا خالد، مالها بنت عمك؟!دي متربية وسطينا وعلى إيدينا.ليلي مش قليلة دي دكتورة ناجحة، واسمها يشرف أي بيت.
وبعدين إنت مش كنت حاضر لما كان بيتقدملها مين ومين؟!
جالها دكاترة ومهندسين وناس من أحسن العائلات، لكن هي فضلت تقعد جنب أمها المريضة لآخر لحظة.
دي بنت ضحّت بحياتها عشان برّ أمها.
وبدل ما تقول دي بنت أصيلة، تقولي عانس؟!
~خالد بسخرية، صوته فيه استهزاء: 
كل ده على عيني وعلى راسي يا بابا.
بس قطر الجواز فات.
إنت عايز الناس تقول إيه؟!
يقولوا خالد جوز العانس؟!
في أي قعدة عائليه هيتقال: خالد اتجوز عانس! 
إنت فاهم يعني إيه كلمة دي تتعلق على رقبتي زي العار؟!
• الاب يتقدم ناحيته بغضب: 
عيب يا خالد! ده شرف ليك مش عار!
دي بنت عمك مش غريبة، ولا واحدة من الشارع.
وبعدين من إمتى بقيت تفكر زي الجهلة اللي ما يعرفوش ربنا؟!
ده إنت متعلم ومفتح، إزاي تردد كلامهم؟!
~خالد يضرب بكفه على الترابيزة: 
جهلة؟! يمكن معاهم حق!
أنا عايز واحدة صغيرة، تفرحني وتدلّعني.
عايز أكون أب، أعمل عيلة.
هي فرصتها إيه في الخلفة؟!
إيه فرصتها تديني بيت مليان عيال؟!
وأنا ليه أضيّع شبابي مع واحدة العمر عدى عليها؟!
•الاب عينيه تدمع من الغضب: 
يعني إنت شايف نفسك لسه ولد يا خالد؟!
ما تبص في المراية… إنت عندك خمسة وتلاتين ولسه ما اتجوزتش!
إنت مش أصغر منها بحاجة.
ما الفرق بينك وبينها؟!
سنها عيب، وسنك إيه؟!
~خالد بتحدي: 
أنا راجل!
الراجل ما يعيبوش سنه…
لكن هي بنت، والبنت أول ما تكبر تبقى عانس.
وأنا ما يرضينيش أرتبط بواحدة الناس كلها شايفينها فاتها القطر!
•الاب بيحاول يهدى صوته: 
وبعدين يا ابني، دي ليلى اللي شافها ما يديهاش سنها خالص.
عندها واحد وتلاتين سنة بس، واللي يشوفها يقول أربعة وعشرين ولا أقل!
صغيرة، ووشها فيه حياة  مش باين عليها العمر.
~خالد يضحك بسخرية،و يهز راسه: 
كل ده على عيني ورأسي يا بابا، بس الناس مش هتشوف زيك.
الجيران عارفين، والأهل عارفين، والصحاب كلهم عارفين.
الكلمة سبقت، بقت عانس في نظرهم.
مهما شكلك حلو، أو سنك باين أقل…
اللي يعرف الحقيقة مش هينسى اللقب.
•الاب بعصبية: 
يعني يا خالد هتعيش حياتك أسير كلام الناس؟!
هتظلم بنت عمك عشان لقب؟!
هو اللقب اللي هينفعك ولا قلبها؟!
يا ابني اللي زيها يتشال فوق الراس.
~خالد بنبرة قاسية: 
 لا يا بابا، أنا هبقى أسير لكلام الناس في الحاجات الصح.
وكلامهم هنا مش غلط.
أنا شايفه بعقلي، مش بعينك.
العانس هتفضل عانس، مهما دافعت عنها.
•الاب بصوت مبحوح: 
خالد، يا ابني، إنت ظلمتها بكلامك.
دي بنت أصيلة، بنت ناس، وبنت عمك.
لو ما أنت اللي تصونها، مين يصونها؟!
هتندم يا ابني.
هتندم أشد الندم، وهتعرف قيمة بنت عمك يوم ما تكون محتاج للي زيها، ومش هتلاقي.
~خالد بيسكت لحظة: 
أنا ما أندمش على اللي في عقلي مقتنع بيه يا بابا.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
كنت واقفة ورا الباب…
سمعت كل كلمة.
الكلمة اللي طلعت منه جرحتني أكتر من سكاكين الدنيا.
أنا اللي ضحيت بعمري عشان أمي…
أنا اللي قلت الدنيا تيجي بعدي... 
اترد لي بلقب: عانس.
واللي قاله مش غريب، ده ابن عمي، اللي كنت فاكرة شايفني غير كل الناس.
طلع شايفني زيهم، لا، يمكن أوحش. 
تسيبهم  ليلي ودموعها نازلة بهدوء.
تدخل اوضتها وتقفل الباب وراها.
وتقعد على طرف السرير، ماسكة صورة قديمة لها مع أمها وتقول بصوت كله وجع: 
خلص… أنا فهمت.
الجواز مش مكتوب ليا… ولا هافكر فيه تاني.
بعد كل اللي عملته… وبعد كل اللي ضاع…
مش هفضل أستنى كلمة رضا من ابن عمي ولا من أي راجل.
أنا عندي مستقبل… عندي حلم لسه ما حققتهوش.
يمكن ربنا حرمني من حاجة… بس يمكن كاتبلي أحسن منها.
ليلى تمسح دموعها بإيدها، تاخد نفس عميق،وتنطق بصوت مرتجف لكن مليان  اصرار: 
وهوريك يا خالد، وهوري الناس كلها.
هوريكوا إن الكلمة اللي بتكسر إنسانة بتطلع من أفواه ناس خايفة من نفسها.
هوريكوا إن اللي بتسميهم عوانس دول بنات ليهم جراح ومشاعر وحكايات.
أنا ضحّيت عشان أمّي، مش لأني معترضة على الحياة، ولا لأنّي فشلت.
التضحْية دي كانت شرف، مش ذنب.
وهتعملوا لي لقب؟ هتجلدوني بكلمة؟ خليكم فاكرين: اللي بيسمي غيره بعيب، هو أول واحد عنده عيب.
تتقدم ناحية الشباك، تمسح دمعة، وتبص في المرايا: 
مش هفكر في الجواز دلوقتي  مش عشان القلب قاسي، لكن عشان لازم أعيش.
هدور على اللي يخليني أحس بقيمتي من جوّه، مش من كلمة تُلقى في قعدة.
هشتغل، هأنجح أكتر، هبني لي حياة محدش يقدر يسخر منها.
وهتتعلم يا خالد، هتعرف قيمة الست اللي إنت ضيعتها يوم ما تكون محتاج لها، ومش هتلاقي.
تصمت لحظة، بتضحك ضحكة مرة، وبصوت أهدأ لكنه أقوى:
العوانس؟ مش مسمى. دي كلمة جارحة للناس اللي ما شافوش ألمنا ولا تعبنا.
وانا مش هخلي كلمة تكتم صوتي.
هتكلم عن اللي بيعانون من كلام الناس، عن اللي بتضيع أعمارهم في انتظار موافقة غيرهم.
هبقى صوت لكل واحدة اتقال عليها 'عانس' وحُطّت في صندوق الصمت.
  تغلق دفترالطبي قدّامها، ترفع رأسها، ونبرة العزم بتختم الجملة:
وهوريكوا، مش علشان أطيّر كبريائي، لكن علشان أعيّش بطليتي، وبالهديّة اللي كانت أمي دايمًا بتقولها: 
عيشي باسمك يا بنتي. 
وهتبقى لحظتكم يوم تشوفوا بنت العيلة اللي كنتم تحسبوها 'عانس'  قامت، ومش محتاجة لقبكم عشان تكون قيمة.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
 تاني يوم في ليلي دخلت المستشفى لقيت صوت عالي جاي من الاستقبال و زحمة ودوشة. الممرضات متوترين، أصوات المرضى عالية.
لقيت الدكتور الجديد واقف متعصب،  و بيزعق للممرضة: 
هو فين النظام هنا؟! إزاي الحالات مرمية بالشكل ده؟!
إنتِ بتشتغلي ولا واقفة تتفرجي؟!
•الممرضة بصوت واطي: 
يا دكتور، إحنا بنحاول، الضغط كبير النهارده…
-ليلى بتدخل بخطوات واثقة،و ماسكة فايل: 
كفاية يا دكتور.
صوتك العالي مش هيحل حاجة، الممرضة بتعمل اللي تقدر عليه.
"ريان يلف لها، يبص لها من فوق لتحت بنظرة استهزاء:
وإنتي مين بقى؟ جاية تتدربي هنا؟
ولا من دفعة الامتياز اللي ملية المكان؟
-ليلى ترد بهدوء، لكن عينيها فيها قوة: 
 أنا مش متدربة.
أنا دكتورة ليلي، بشتغل هنا من سنين.
وده مكاني زي ما هو مكانك.
" ريان بسخرية واضحة: 
دكتورة! ما شاء الله، أنا فكرتك لسه طالبة.
انتي ناقصك مريله وتبقي في مش في طب لا تبقي في ثانوي كمان، انتي طفله ياماما! 
•الممرضة بصوت مرتجف لكن مليان تقدير:
دكتور، دكتورة ليلى دي أقدم واحدة هنا.
وإحنا كلنا بنتعلم منها.
"ريان يتجاهل كلام الممرضة: 
بصي يا دكتورة ليلى، أنا مش من النوع اللي يحب حد يملي عليه يعمل إيه.
اللي مش عاجبه شغلي يعرف يتصرف.. 
-ليلى بتقرب منه خطوة، بهودء لكان نبرة حاد زي السكين: 
محدش بيملّي عليك.
بس هنا في مستشفى، واللي يرفع صوته على مريض أو ممرضة… يبقى مش فاهم يعني إيه دكتور.
" ريان بيبصلها بثواني صامتة، بين التحدي والغرور: 
واضح إننا مش هنتفق يا دكتورة.
-ليلى بتبتسم ابتسامة خفيفة فيها ثقة: 
الاتفاق مش مطلوب، الاحترام هو المطلوب.
و تسيبه وتكمل طريقها.
ريان يبص وراها، وفي نظرته خليط من غيظ وفضول.
بعد ساعات قليلة بيضرب صوت إنذار عالي و حالة إسعاف داخلة بسرعة. مريض بينزف جامد، الطاقم كله متوتر.
"ريان كان في الطرقة وبيجري معاهم، مستعد يدخل. فجأة يشوف ليلى داخلة قبل الكل، بتسبقهم بخطوات واثقة.
-ليلى بصوت عالي وحازم: 
ضغط الدم كام؟! – بسرعة السيرنجة، ركزي معايا يا نسرين!
انت ارفع رجله، يلا يا دكتور نلحقه قبل ما ينهار.
كل الفريق يلتزم بتعليماتها.
" ريان واقف على جنب، يمد إيده الأول كأنه هيدخل، وبعدين يسحبها وهو مبهوت…
هي بتعمل ده كله لوحدها؟
يفضل يتابعها لحظة بلحظة، يشوفها بتهدي الفريق، وبثقة تضغط صدر المريض وتوجه: 
نبضه راجع، كملوا أوكسجين، الحمد لله استقر.
صمت في القاعة لثواني، بعدها صوت المونيتور يرجع منتظم.
في الطرقة بعد العملية
'ريان يقترب منها وهو مبتسم نص ابتسامة، لسه مندهش:
برافو، برافو جدًا. أنا كنت داخل أساعد، بس لقيتكِ عاملة كنترول كامل.
بصراحة، أول مرة أشوف حد ماسك الطوارئ بالشكل ده.
-ليلى تبتسم بتواضع: 
دي مش أول مرة. اتعودنا. الطوارئ محتاجة سرعة مش كلام.
"ريان يهزر عشان يكسر الجدية: 
واضح إني أنا اللي محتاج تدريب معاكي، مش إنتي اللي محتاجة تدربي عندي.
-ليلى تضحك بخفة: 
طب عن اذنك يدكتور علشان عندي مريض لازم اشوفه؟ 
تاني يوم في كافتيريا المستشفى: 
المكان هادي نسبيًا، ريان قاعد على ترابيزة صغيرة، بيكتب شوية ملاحظات.و ليلى داخلة تاخد قهوة، وواضحة عليها الجدية.
" ريان يرفع عينه، بابتسامة خفيفة: 
يا دكتورة ليلى، البطلة بتاعة الطوارئ.
-ليلى ترد بسخرية: 
إحنا هنا مش في فيلم أكشن يا دكتور، كل يوم في حالات زي دي.
"ريان بضحك: 
آه… بس مش كل يوم بلاقي حد ينقذ الموقف قدامي بالشجاعة دي.
-ليلى بتهز كتفها: خبرة سنين، مش أكتر.
" ريان بتركيز: 
بس برضه، أنا مش مقتنع إن عندك خبرة السنين اللي بتتكلمي عنها.
شكلك، ما يديش أكتر من 25.
-ليلى ترفع حاجبها:25؟ لا… أكتر.
"ريان بيهزر أكتر، وعامل نفسه مصدوم: 
طب 27… 28 بالكتير!إيه… هو أنا هافضل أخمّن؟
-ليلى تبتسم ابتسامة صغيرة: أنا 31.
ريان يبص ليها متأمل شوية:
بس على فكرة، شكلك صغير جدًا، أنا لو شفتك برا، أديكي 13 سنة مش 31
-ليلى تتجمد للحظة، ضحكتها تختفي، عينيها تنزل أرض… وتفتكر صوت خالد وهو بيقول: "دي عانس، فات القطر، مش هتخلف.
" ريان يلاحظ الحزن اللي ظهر فجأة في عينيها: 
يا ليلى، أنا بهزر. قصدي إنك صغيرة في الشكل، مش قصدي حاجة تانية.
-ليلى تحاول تضحك بس صوتها مكسور: 
عارفة، بس ساعات الهزار بيفكر الواحد بكلام تاني.
"ريان يبص لها بتركيز، بنظرة جدية لأول مرة: 
بصي، 31 ولا 41، ده مش فارق، المهم إنك حد، يخلي اللي حواليه يحسوا بالأمان.
-ليلى تبص له باستغراب، مش متعودة تسمع كلمة بالطريقة دي. 
" ريان يبص ليها متأمل شوية ويلاحظ الحزن اللي ظهر فجأة في عينيها فيقول بجدية:
آسف، واضح إني قلشت، بس بجد، سنك عادي جدًا.
أهم حاجة إنك واقفة دلوقتي هنا، منقذة حياة، مش بتعدي أرقام على ورق.
-ليلى تحاول تخفي تأثرها وترد بابتسامة مصطنعة:
خلينا في الشغل يا دكتور ريان، أحسن
"ريان يفضل يبصلها وهي ماشية، ونبرة إعجاب صادق بتبان لأول مرة على وشه: 
في عيونها وجع، بس في نفس الوقت فيها قوة، حاجة غريبة جدًا
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
بعد اربع شهور كانت العلاقه بين ليلى وريان مرحه جداً وفي يوم: 
ليلى قاعدة مع ريان، بيضحكوا هزار خفيف بعد شغل طويل.
" ريان بابتسامة: 
بجد يا ليلى، إنتِ بتتعاملِي مع الحالات الصعبة وكأنك قريتي الكتاب قبل ما يتكتب.
-ليلى تضحك بخفة: 
دي خبرة سنين يا دكتور، مش زيك لسه طالع من العلبة.
"ريان يمثل إنه متضايق: يعني أنا علبة كبريت كده؟!
-ليلى بضحك:كبريت وسريع الاشتعال كمان.
" ريان بجدية مصتنعة: يا بنتي لاحظي فرق السن اللي بينا. 
-ليلى بهزار:دول هما سنتين عمي. 
ريان يضحك، وهي تضحك معاه.
خالد كان داخل المستشفى بالصدفة، شاف، ملامحه تتغير، عينه فيها غيرة واضحة يطلع بسرعه من المستشفى ويفضل يلف بالعرببة:
بليل خالد داخل، يلاقي بنت عمه الصغيرة سارة قاعدة مع مامتها، صوتها عالي وبتزعق: 
معلش يا ماما بقى، أنا مش هفضل قاعدة أخدمك طول عمري!
أنا ليا حياتي، وجوزي أولى بيا منك!
الأم بدموع: 
يا بنتي أنا تعبانة كنت فاكرة هتسندي ضهري.
 سارة ببرود: خلاص دوري على حد غيري. أنا مش فاضية!
خالد واقف على الباب، متصدم من قسوتها وهو داخل البيت يلمح ليلى خارجة من أوضتها ومعاها صورة لمامتها المتوفية، تحطها في الصالة وتبص لها بحنان.
-ليلى تكلم الصورة بهدوء: 
وحشتيني يا أمي، بس أوعدك هكمل زي ما كنتي عايزة، عمري ما هسيبك ولا هسيب ذكرك.
خالد يفضل واقف يراقبها من بعيد،ويقول في نفسه: 
واحدة زي سارة، سابت أمها وهي عايشة، وليلى فضلت جنب أمها لحد آخر يوم في عمرها، فرق السما من الأرض، ليلى مش زي حد.
•الأب يدخل يلقيه سرحان: 
مالك يا خالد؟ من ساعة ما رجعت وانت سرحان.
~خالد نبرته قوية لأول مرة: بابا… أنا قررت، أنا عايز أتجوز ليلى.
•الأب مندهش: إنت؟! بعد كل اللي قولته قبل كده؟
~خالد بإصرار: 
كنت أعمى، ما كنتش شايف قيمتها، ليلى ست بمية راجل، واللي يسيبها، يبقى خسر الدنيا كلها.
•الأب بهدوء:
 وأخيرًا فهمت، اللي ما يشوفش ده من الأول، بيبقى غالي عليه يتعلم بالطريقة الصعبة. 
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
ليلى قاعدة، قدامها عمها أبو خالد: 
فجأة يخش خالد، وفي نفس اللحظة ييجي ريان ومعاه والده: 
الجو يتوتر، الكل مستغرب.
•أبو خالد مندهش: إيه يا جماعة؟! إنت يا خالد جاي تقول حاجة؟
~خالد بصوت واثق لكن عينه مترددة: 
أيوه يا بابا، أنا عايز أتقدم لليلى.
-ليلى تندهش، وقبل ما ترد، يسبق ريان ويقول:
وأنا كمان، جاي النهاردة أطلب إيد الدكتورة ليلى.
صمت ملئ المكان، عيون الكل على ليلى.
ليلى تبص لخالد، تشوف كل الكلام اللي قاله زمان بيرجع في ودانها: "أموت أعزب ولا أتجوزها… العانس… فات القطر."
دمعة صغيرة تلمع، لكنها تمسحها بسرعة.
-ليلى بصوت ثابت، وهي بتبص لخالد: 
خالد، إنت ابن عمي، أخويا اللي اتربيت معاه، واللي بيني وبينك، عمر ما كان حب، أنا مش شايفاك غير أخويا، ومش هقدر أشوفك غير كده.
خالد بيتجمد عينيه تتهز لأول مرة بندم.
-ليلى تلتفت لريان، بابتسامة صافية لأول مرة: 
لكن إنت يا دكتور ريان، شفتني زي ما أنا، لا همّك كلام الناس، ولا السن.
أنا بختار إن حياتي تبدأ معاك.
ريان يبتسم، يقوم بهدوء، يمد إيده باحترام لعمها: 
وعد، هصونها وأكون سندها.
•أبو خالد يبص لابنه خالد بحسرة:قولتلك يا ابني، هتندم.
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
بعد جواز ليلى  وريان بيرجع ريان من بره يلاقي ليلى قاعدة على الكنبة، بتبص في الفراغ. ريان يلاحظ شرودها، يقرب منهاو بنبرة حنونة: 
مالك يا ليلى؟ ساكتة ليه؟
-ليلى تاخد نفس طويل، دموع صغيرة تنزل من عينيها من غير ما تحس وتقول بصوت مكسور: 
كنت فين يا ريان…؟
"ريان باستغراب: ما انا قولتلك وانا نازل يحبيبي اني رايح ازور واحد صحبي! 
-بس مش ده قصدي انا قصدي كنت فين زمان لما كنت بسمعهم بيقولوا عليا عانس، واللي يقول مغرورة، واللي يقول مش هتلحق تخلف، كنت لوحدي، محدش فيهم حس إني إنسانة عندي قلب بيتوجع.
كل كلمة كانوا بيرموها، كانت زي سهم في صدري.
" ريان يقرب منها، يمسك إيدها، يحني راسه عليها بلطف وبصوت هادي ومليان حب: 
أنا يمكن ماكنتش في حياتك وقتها، بس أوعدك إني من دلوقتي لحد آخر العمر، مش هسيبك لوحدك تاني، كل كلمة وجعتك هعوضك عنها بحضن، وبكلمة حلوة، انتي مش لقب، ولا سن، إنتِ عمري كله يا ليلى.
-ليلى تنهار في حضنه، تبكي بحرقة، وهو يطبطب عليها بهدوء ويهمس: 
عيطي  طَلّعي كل الوجع ده، وبعدين ابتسمي، إحنا ابتدينا من جديد، ومعايا مش هتسمعي غير كلمة حبيبتي. 
<<<<<<<<<<<<<<<<<<<<
ودي كانت حكاية ليلى مع العنوسة، ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه  حكايات البنات كتير.
وفي الآخر، ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
انتظروني  في حكاية بنت جديدة.
~بت يا روميساء، هو مش اللي قاعد هناك ده جوزك؟
-روميساء بتتلخبط، وبصوت ضعيف: 
آه… هو سليم.
~نورا بشك: 
ومين البنت اللي معاه؟
-روميساء بخوف شديد وارتباك:
يمكن زميلة في الشغل ولا حاجه.......... معرفش.
~نورا بحدة:
تعالي نقرب ونسمع بنفسنا.
يقربوا من الترابيزة.
•سليم بصوت واطي لكنه واصل ليهم: 
بصي يا شهد، أنا مش لاقي نفسي معاها.
روميساء اتخرجت من الكلية وقعدت في البيت.
واحدة خدت شهادة وركنتها، من يومها ما بقتش تدور ورا أي طموح.
بقت عايشة من غير هدف، كل يوم زي اللي قبله.
تحسّي إنها اتقفلت على نفسها، بقت جاهلة حتى بالحياة اللي حواليها
مبقاش عندها أي حاجة جديدة، لا بتقرأ، ولا بتتعلم، ولا حتى بتسعى للي نفسها فيه.
كل مرة بكلمها بحس إني بكلم واحدة، وقفت في مكانها.
وأنا محتاج واحدة حية، بتسأل، بتتطور، واحدة زيك.
شهد أنا طول عمري حاسس إني عايش مع واحدة مش شبهي.
روميساء ما بتشتغلش، وما عندهاش أي طموح.
حتى مش مثقفة، ما ينفعش نكمل كده.
لكن إنتي إنتي مختلفة. بتسألي، بتفكري، عندك شغف.
علشان كده أنا بحبك.
شهد بصوت متردد: 
بس يا سليم، دي مراتك. وفي عشرة بنكم. 
•سليم يميل لقدام، بنبرة حاسمة: 
العشرة من غير فهم ولا طموح مالهاش معنى.
أنا مش عايز أعيش ميت، أنا عايز أعيش معاكي إنتي. 
كلمة مراتي بقت مجرد اسم.
لكن إنتي إنتي الروح اللي ناقصاني. علشان كده أنا بحبك.
وكمان إنتي مختلفة، إنتي اللي فاهمة دماغي. ومعاكِ بحس إني حي.
روميساء تتجمد مكانها، ودموعها تنزل بهدوء، ونورا تبص لها بصدمة وغضب.
~نورا تهمس وهي ماسكة إيدها: 
سمعتي يا روميساء؟! سمعتي اللي بيقوله عنك؟!
-روميساء بصوت مبحوح، ومخنوق: 
آه سمعته.
 تسحب إيدها من إيد نورا وتلف وتطلع تجري بره، بتهرب من الكافيه.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بتوصل العربية و بتنهار وهي بتحط الهدية الملفوفة على الكرسي جنبها: 
يعني أنا، أنا اللي كنت جاية أجيبلك هدية عيد ميلادك…
وأنت يا سليم؟!
أنت قاعد مع غيري، بتقول بتحبها…
وأنا؟! أنا الجاهلة؟!
وتفتكر اول الجواز لما فتحت موضوع الشغل قدامه: 
فلاش باك»»»»»»»». 
-روميساء بابتسامة وهي بتناوله طبق الأكل: 
يلا يا حبيبي، كلها أسبوع وهرجع الشغل. وحشتني زمايلي حتى الروتين بتاع المكتب.
•سليم يسيب المعلقة فجأة، عينه تلمع بحدة: 
شغل إيه يا روميساء؟
-روميساء تضحك بخجل: 
يعني، شغلي يا سليم. إيه فيها يعني؟
•سليم بينفخ، ويعدل قعدته: 
روميساء، ما فيش حاجة اسمها شغل.
إنتي دلوقتي متجوزة.
أنا الراجل، وأنا مسؤول.
أنا مش مالي عينك ولا إيه؟ محتاجة مرتب من حد تاني عشان تحسي إنك عايشة؟
-روميساء بتتلخبط: 
لا، بس أنا تعبت وذاكرت سنين، نفسي أعمل حاجة لنفسي…
•سليم يرمي المعلقة على الطبق ويشاور بإيده: 
نفسك؟!
إنتي نفسك عندي أنا.
أنا جوزك، أنا طموحك، أنا دنيتك كلها.
الست لما تتجوز، خلاص، جوزها يبقى حياتها.
هو إيه فايدة إنك تتعبي وتروحي وتيجي وسط رجالة، وتسمعي كلام مش ليكي، وتشوفي عيون مش عيون جوزك؟
هو أنا ناقص يا روميساء؟
يقرب منها بصوت أعمق:
الست اللي تخرج تشتغل، تبدأها تقول مرتب صغير أهو مصروفي.
وبعدين تقول: أهو أساعدك.
وبعدين فجأة، ترفع راسها وتقول: أنا مستقلة، مش محتاجة.
والبيت وقتها يبوظ، والراجل يتحرق جوه.
أنا عمري ما أسمح لنفسي أبقى راجل ناقص في بيت مراتي.
-روميساء بصوت متقطع:
سليم، أنا مش قصدي أجرحك. أنا بحبك.
•سليم بحدة: 
الحب مش كلام.
الحب تضحية.
وإنتي لو بتحبيني بجد، تسيبي الشغل وتقعدي هنا.
أنا مش هقبل إنك تبقي مراتي وتخرجي من البيت وتتحكمي في وقتك وفلوسك.
أنا راجل شرقي، وأنا اللي أصرف، وأنا اللي أقرر.
يسكت لحظة، و يرجع يكمل بحِدة أكبر، كأنه واعظ:
أنا شفت بعيني بيوت اتخربت عشان كلمة "استقلال".
شفت رجالة اتحولت لخيال مآتة عشان مراتاتهم اشتغلوا وقالوا "إحنا مش محتاجينكم".
أنا مش هبقى واحد منهم.
أنا اتجوزتك عشان تبقي مراتي، مش زميلتي في الشغل.
اتجوزتك عشان تبني بيت، مش تبني سيرة ذاتية.
-روميساء تحاول تعترض، ودموعها نازلة: 
بس يا سليم، أنا زهقت من إني قاعدة من غير ما أعمل حاجة.
•سليم يرفع صوته ويقطعها: 
كلام انتهى!
ما فيش شغل.
أنا راجل، وكلمتي ما تتناقش.
إنتي لو عايزة تثبتي حاجة، تثبتيها في بيتك، معايا، مش برة.
يسند ظهره للكرسي، نبرته حاسمة باردة:
إنتي اخترتيني جوز.
يبقى تسمعي كلامي.
وأنا كلامي واحد: ما فيش شغل.
يسكت لحظة، ياخد نفس، وبعدين يمد إيده على راسها، يطبطب عليها بحنان مصطنع، صوته يهدى:
ماشي يا حبيبتي؟ كده أحسن، كده بيتنا يفضل مستور.
•روميساء وهي بتحاول تبتسم ابتسامة باهتة: 
… ماشي يا سليم 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بتفوق من شرودها وهي باين على وشها دموع متحبسة، بس عينيها كلها قوة.
~روميساء، هتعملي إيه دلوقتي؟ هتواجهيه؟
-روميساء تهز راسها ببطء، وصوتها ثابت: 
لا يا نورا مش هضيّع وقتي في مواجهة واحد زي ده.
أنا هاخد حقي بطريقة تانية.
أول حاجة، هطلّب الطلاق. ومش هبكي ولا أترجّى.
وبعدها، هثبت له إن "الجاهلة" اللي كان بيقول عليها، هي اللي طلعت أذكى منه.
ووعد… وعد يا نورا، إن اليوم اللي هيشوفني فوق منه جاي، وده هيبقى أقسى رد عليه.
بتوصل البيت وتفضل مستنيه سليم، واول لما يوصل: 
-روميساء بصوت ثابت، عينها في عينه: 
سليم، أنا عايزة الطلاق.
•سليم يتفاجئ، يحاول يضحك ويهدي الجو: 
إيه الكلام ده يا حبيبتي؟ ليه؟  هو أنا قصّرت في حاجة؟
-روميساء ببرود: 
قصّرت في كل حاجة.
قصّرت لما كسرتني بكلمة "جاهلة".
قصّرت لما منعتني من شغلي، وسرقت مستقبلي.
أنا مش عايزة أشرح أكتر.
عايزة الطلاق وبس.
•سليم يبين الغضب على وشه، ثم يغيّر نبرته بسرعة: 
يعني إيه؟ هتسبيني كده؟!، طب وليه؟
احنا بينا عشرة. 
-انا قولتلك يا سليم انا عاوزه الطلاق وبس. 
يسكت فجأة، عقله يجيب صورة شهد، واللي بينه وبينها. يبتسم ابتسامة صغيرة كأنه لقى مخرج.
سليم بهدوء مريب: 
ماشي يا روميساء، زي ما تحبي.
انتي طالق. 
روميساء اول لما تسمع الكلمة كأنها كانت في سجن وخرجت منو آخيرا بتاخد هدومها وتسيب البيت  وتمشي في الشارع  روميساء مع نورا
-روميساء وهي ماشية بسرعة، واضح عليها إصرار: 
نورا، أنا عايزة رقم شهد اللي كانت مع سليم. 
~نورا باستغراب: 
شهد؟ ليه؟!
-روميساء تبص لها بعزم: 
دي أول خطوة. هتعرفي بعدين. هاتيهولي يا نورا، بسرعة.
نورا تتردد لحظة وبعدين تديها الرقم.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
 تاني يوم في كافيه هادي. روميساء قاعدة قدام شهد.و بتبص في عيني شهد مباشرة، من غير ما ترمش.
-روميساء بصوت متماسك لكنه مليان وجع: 
أنا اتطلقت من سليم، مش بس عشان خانني.
أنا اتطلقت منه لما عرفت إنه كان بيكلمك.
" شهد بصدمة،و عينيها تتسع: 
إيه؟! أنا… أنا ما كنتش أعرف…
-روميساء تقطع كلامها، بنبرة حادة: 
عارفة ليه مش بلومك؟
لأنك مش أول واحدة ولا هتكوني الأخيرة.
المشكلة مش فيكي، المشكلة فيه.
تتنهد،و عينيها تلمع بالدموع لكن صوتها يفضل قوي.
سليم دايمًا كان بيقولي "إنتي جاهلة".
الجاهلة اللي بتسمع كلام جوزها وتضحي بنفسها.
بس الحقيقة، هو اللي قعدني من الشغل، وهو اللي خلاني أسكت على نفسي.
أنا سلّمت له حياتي، وهو استغل ده عشان يحسسني إني أقل.
تضحك ضحكة قصيرة مليانة مرارة: 
عارفة إيه اللي اكتشفته؟
هو مش راجل شرقي زي ما بيقول…
هو راجل نرجسي.
ما يحبش يشوف حد أحسن منه.
ولو لقاكي إنتِ متفوقة عليه، هيكسرك زي ما كسرني. هيقعدك زي ما قعدني.
شهد تبص لها بصدمة، إيدها ترتعش وهي ترفع الكوباية ومترجعها مكانها.
" شهد بصوت مبحوح: 
أنا… أنا ما كنتش أعرف إن هو كده.
طب… طب قوليلي يا روميساء، أعمل إيه؟ إزاي أساعدك؟
-روميساء تتقدم لقدام، عينها في عين شهد، وصوتها مليان قوة لأول مرة: 
ساعديني أشتغل.
مش أي شغل، أنا عايزة أشتغل في نفس الشركة اللي إنتي فيها.
أنا مش هرجع الورى تاني، 
عايزة أدخل نفس المكان اللي كان شايف نفسه فيه فوقي، أثبت إن اللي كان بيحاول يدفنه هو اللي هيتدفن بشغله الفاشل.
أنا هوريه إن "الجاهلة" اللي كان بيفتخر إنه قتل طموحها… رجعت أقوى منه.
وأنا مش هقف لحد ما أبقى فوقه، فوقه بكتير
"شهد بجدية وابتسامة خفيفة: 
خلاص، اعتبري الموضوع خلص. أنا هسندك من هنا، وأنتِ هتسندي نفسك بباقي الطريق.
-روميساء تضحك لأول مرة من قلبها بعد الطلاق: 
دي البداية يا شهد، مش النهاية.
."شهد تسكت لحظة طويلة، وبعدين تمسك إيد روميساء على الطربيزة،  وبعينين مليانين إصرار: 
خلاص، من النهاردة، إنتي مش لوحدك.
أنا ونورا معاكي.
وهو، هو اللي هيتمنى يوم إنه ما استهانش بيكي.
فجأة  ابتسامة قوية بتظهر على وشها، ابتسامة انتصار.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد فترة من رجوع روميساء الشغل واثبات نفسها في نفس الشغل اللي سليم كان بيقولها انها متعرفش توصل لمكانته: 
هي فعلا معرفتش توصل  لمكانته، هي عدت مكانته اصلا هي دلوقتي قاعدة في مكتب انيق جدا  على مكتبها كمديرة جديدة. الباب يخبط ويدخل سليم، شكله مصدوم ومتوتر.
•سليم بصوت مخنوق: 
روميساء، انتي هنا؟ مستحيل، إزاي بقيتي المديرة؟!
-روميساء بابتسامة واثقة، نبرة هادية بس قوية: 
مفيش حاجة اسمها مستحيل يا سليم.
إنت وقفتني زمان، لكن أنا وقفت على رجلي من تاني.
ولما وقعت، وقعت عشان أقوم أعلى.
تقوم من مكانها، تبص له بحدة: 
طول عمرك عارف إني أشطر منك، بس كنت بتخاف من الحقيقة.
قلت عليا "جاهلة" وأنا اللي دلوقتي بعلّمك معنى النجاح.
إنت فاكر إن الرجولة إنك توقف ست عن حلمها؟
الرجولة الحقيقية إنك تدعمها، مش تدوس عليها.
•سليم يحاول يمسك نفسه، يتكلم بعصبية:
انتي اللي ضعيفة: وأنا خلاص بحب واحدة تانية، وهخطبها.
-روميساء تهز راسها بسخرية: 
مين؟
•شهد.
-روميساء بهدوء شديد: 
شهد، ادخلي.
تدخل شهد. تبص لسليم بنظرة قاسية واستحقار شديد: 
إنت نرجسي ومريض بالسيطرة.
أنا ما كنتش أعرف إنك كده، لكن دلوقتي؟ مستحيل أديك فرصة.
المجتمع الذكوري اللي إنت عايش فيه خلّاك مفكر نفسك إله، لكن إنت أضعف من إنك تواجه الحقيقة.
سليم يتجمد مكانه، مش لاقي كلمة. روميساء تبصله بابتسامة انتصار.
-روميساء بصوت ثابت، مليان قوة: 
أنا يمكن خسرت راجل…
بس كسبت نفسي.
وكسبت شغلي.
وأنا لسه بتقدم، ولسه عندي سكة طويلة مليانة نجاح.
إنت خسرتني، وأنا كسبت كل حاجة.
تلتفت لروميساء على شهد وتخرجوا من المكتب سوا، وتسيب سليم واقف مكسور لوحده. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
مهما كنتي بتحبي حد، ما تسيبيش شغلك عشانه.
الشغل مش بس مرتب آخر الشهر، الشغل هو كيانك، استقلالك، احترامك لنفسك، وأمانك لو الدنيا اتقلبت.
اللي يحبك بجد هيفرح إنك ناجحة، وهيقف وراكي ويدعمك، مش يمنعك.
ولو حد طلب منك تسيبي مستقبلك علشانه… يبقى هو مش بيحبك، هو بيحب نفسه وبس.
اعملي لنفسك قيمة، ما تعيشيش في ظل أي حد.
الراجل ييجي ويمشي، لكن نفسك ومستقبلك لو ضاعوا، صعب ترجعيهم.
فكري دايمًا في جملة واحدة:
 "أنا مش هسيب حلمي عشان أي حد، اللي يستاهلني هو اللي يفرح بيه ويكبرني بيه."
"ودي كانت حكاية روميساء مع أي راجل يفتكر إنه يقدر يكسر ست، لكن الحقيقة إن الست لما تقوم، بتقوم أقوى مية مرة.
 ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه حكايات البنات كتير.
وفي الآخر… ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
-إنت مش موافق على آدم ليه يا بابا؟!
هو عمل لك إيه؟!
إنت ليه حاطه في دماغك من غير سبب؟
قولي سبب مقنع! 
 هو ذنبه إيه غير إنه بيحبني وأنا بحبه؟
~الأب يضرب العصا على الأرض بقوة، صوته يهز البيت: 
بتسأليني ليه؟!
من غير سبب؟! 
ده ولد ما يعرفش ربنا! 
آدم ده بيشرب سجاير قدام الناس… وبيشرب حشيش كمان!
وما بيخشّش الجامع، ما يعرفش ربنا…
انا عمري ما شوفته راكعها! 
أأمّن عليكي معاه إزاي؟!
-ضحى بعناد والدموع في عنيها: 
هو هيتغير!
عشاني أنا، أنا اللي هغيره، وهخليه أحسن من أي حد!
~الأب يقف فجأة، وصوته يجلجل: 
إنتي؟!
إنتي اللي هتغيريه؟!
اللي ما اتغيرش طول عمره، هتيجي إنتي تغيريه؟
ده هيدمرك… هياخدك معاه في الضياع!
ده اتربى على كده يا بنتي. مش هتقدري.
اللي عاش عمره كله على الضلال، هتيجي إنتي تعملي منه وليّ صالح؟!
ده بدل ما يتهدي على إيدك، هيجرّك معاه في الوحل!
-ضحى تشهق ببكا، لكنها بتبصله  في عينيه بعناد: 
أنا مش هسيبه يا بابا مهما قلت!
~الأب يتقدم خطوتين ناحيتها،و صوته يهدا لكنه مليان قوة: 
تسمعي مني كلمة، وإلا تتحسبي قدامي:
آدم مش هيخش بيتنا، طول ما فيا نفس!
-ضحى بنهيار، وهي بتعيط بحرقة: 
طب أنا مش هقدر أعيش من غيره! إنت كده بتحكم عليا بالموت وأنا عايشة.
•الأب وهو  بيحاول يتمالك نفسه: 
يا ضحى، أنا مش بكرهك. أنا بخاف عليكي. الحب مش كل حاجة… الجواز مسؤولية ودين وأمان.
ضحى تسكت وتبص للأرض، وبعدين تقوم وتدخل أوضتها وهي ساكتة ودموعها بتنزل. 
>>>>>>>>>>>>>>>>> 
تاني يوم بليل الأب قاعد على طرف السرير، ماسك راسه من التفكير. الأم داخلة عليه، ملامحها كلها قلق: 
•الأم بصوت واطي: 
هي من امبارح ما داقت لقمة، ولا راضية تكلمني.
يا حاج، البنت هتضيع مننا.
~الأب يرفع عينه فيها، وصوته تقيل: 
تضيع معايا، ولا تضيع مع واحد زي آدم.
•الأم تقعد  جنبه، وتمسك إيده وتحاول تلطف كلامها: 
بس يا حاج دي قلبها متعلق بيه.
وإنت شايفها، لا بتاكل ولا بتضحك، وكل يوم بتدبل قدامنا.
~الأب بيضرب إيده على السرير بعصبية، وصوته يرتجف: 
يعني أسيبها تتحرق في جهنم مع واحد ما يعرفش ربنا؟!
واحد بيشرب، بيضيع، ما سجدش سجدة!
أسيبها تمشي ورا سراب؟!
أسيب بنتي الوحيدة تقع في إيد واحد فاسد؟!
ده أنا أدفنها بإيديا، ولا أدفنها في حضن واحد زيه!
يسكت لحظة، وصوته يهدى، وعينه تلمع بالدموع: 
أنا يمكن أبان قاسي، بس إنتي فاهمة قلبي، يا أم ضحى.
أنا بخاف عليها، بخاف تشوف معاه يوم أسود يكسّرها.
•الأم، دموعها تنزل، وتحط إيدها على كتفه: 
وهو دلوقتي مش بيكسّرها؟!
يا حاج، البنت بتموت قدامنا بالبطء.
وإنت عارف، عنادها زي عنادك.
مش هترضى بغيره.
~الأب بيبص قدامه، وصوته مكسور: 
والله العظيم أنا بين نارين…
لو وافقت، بضحي بيها…
ولو رفضت، برضه بضحي بيها.
لحظة صمت تقيلة، الأم تبكي بهدوء. الأب يحط وشه في إيده، كأنه بيتخنق. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد ثلاث أيام: 
•الأم بصوت متوتر،وهي بتبص للأب: 
ثلاث أيام ما دخلش بطنها لقمة…
النهاردة لقيتها مرمية في الحمّام…
إنت هتستنى لحد ما تخرج من بيتنا جثة؟
~الأب يتنفس بعمق،و صوته خافت لكن حاسم: 
خلاص، ناديلي ضحى؟
~ضحى اول لما تروح الأب يبص ليها: 
كفاية اللي إنتي بتعمليه في نفسك يا ضحى…
من النهاردة… هوافــــــــق.
ضحى ترفع وشها بسرعة، عينيها تلمع بالدهشة والفرحة، الأم تدمع. 
~الأب يرفع صباعه في وشها، وصوته ناري: 
بس اسمعي…
إنتي ضغطيني، كسرتيني، خلّيتيني أعمل حاجة عمري ما كنت هعملها.
أنا هوافق، بس على شرط:
ما تجيش في يوم تبكي وتشتكي!
ما ترجعيش تقولي لي: عندك حق يا بابا. 
يتنفس بعمق، وعينه كلها وجع: 
وأنا واثق إن آدم ده مش هيبقى ليكي سند ولا ظهر…
ده هيجرك للضلال، هيبعدك عن ربنا، وهيكسرك يوم ورا يوم.
-ضحى تحاول تقاطعه بعناد: 
لا يا بابا، أنا هخليه يتغير!
~الأب بصراخ، وصوته يرتجف من الغضب: 
هو اللي هيغيرك!
هياخدك من نورك، ويحطك في عتمته.
أنا شايف نهايتك قدامي ومش قادرة تنقذي نفسك.
لحظة صمت خانقة، الأب يشيح بوشه عن ضحى عشان يخبي دموعه. الأم تبكي بهدوء. ضحى تبص لهم، عنادها أقوى من اي شئ 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
يوم الخطوبة ضحى قاعدة بفستان بسيط، فرحتها باينة في عينيها. والأب قاعد في الركن، ملامحه متجمدة. آدم داخل ومعاه عيلته. ضحى تبص له بعشق، لكن الأب عينه متسمرة عليه بنظرة شك ويقول في نفسه: 
اللي ما يعرفش ربنا، عمره ما هيعرف يرحم بنتي.
آدم يقرب يسلم على الأب. الأب يمد إيده، بس بطريقة جافة، من غير ما يبص في وشه. 
"آدم وهو بيحاول يضحك بخفة: 
تشرفنا يا حاج…
~الأب بصوت بارد، وعينه في الأرض: 
التشريف الحقيقي، يوم ما أشوفك راجل بحق.
ضحى تبص لأبوها بعتاب، لكن الأب يتجاهل. 
في فترة الخطوبة كل مرة آدم ييجي البيت، الأب يعامله بجفاء.
مثلًا: يلاقي ريحة سجاير فيه، فيكشر ويقول قدام ضحى:
الأب: اللي مش قادر يسيب سيجارة، هيقدر يشيل بيت؟!
وضحى تدافع: هو هيسيبها… عشاني.
الأب يرد: ده هو اللي هيخليكي تسيبي نفسك
وفجأة يرفع صباعه في وش آدم، وصوته زي الرعد: 
اسمع يا واد…
أنا وافقت عشان بنتي ضغطتني وهددتني بنفسها…
بس ده مش معناه إني شايفك كفء ليها.
أنا شايف نهايتها في عينيك، شايف الضلمة اللي هتسحبها فيها.
-ضحى تنهار دموعها، تمسك إيد أبوها برجاء: 
بابا بالله عليك كفاية…
~الأب يهز إيده بعيد عنها بعنف، وصوته يرتجف من الغضب: 
لأ يا بنتي! أنا لازم أقولها قدام الكل…
أنا وافقت لكن بشروط:
ما تجيش في يوم تقوليلـي أنقذني.
ما تجيش في يوم تعيطي وتقولي كان عندك حق يا بابا
الأب لنفسه: 
يا رب، لو كان ده طريقها للضيعة، إبعده عنها.
ولو كان مكتوب، قوّيها على بلواها.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد شهر من الجواز ضحى قاعدة في الصالة،و الأكل ساقع على الترابيزة.  فجأة الباب يتفتح بعنف، ويدخل آدم. خطواته مش
مظبوطه،و ريحته خانقة من الحشيش والدخان، هدومه مبهدلة. ضحى تقف مفزوعة
-ضحى بصوت مبحوح: 
آدم، الساعة عدّت ١٢، كنت فين؟
"آدم يضحك بطريقة  غريبة، ويقفل الباب برجله ويرمي نفسه ع الكنبة: 
كنت سهران قاعد مع أصحابي… وبنمزّج.
-ضحى تقرب بخوف، وتغطي مناخيرها: 
إيه الريحة دي؟! إنت، شارب حشيش؟
" آدم يبص لها،و عينه حمرا، وصوته تقيل: 
آه، عندك مانع؟
-ضحى بحزن ودموع: 
إنت وعدتني إنك هتتغير…
قلتلي هصلّي، هبطل  هعيش معاكي حياة جديدة.
هو ده التغيير؟!
"آدم يقوم واقف مترنح، ويقرب منها بشكل مخيف: 
إنتي مصدقة نفسك؟!
أنا مش هتغير ولا عايز أتغير.
أنا كده، واللي مش عاجبها الباب مفتوح!
-ضحى تتراجع خطوة، تعيط: 
أنا كسرت قلب أبويا عشانك، حاربت الدنيا كلها عشان أبقى جنبك، ما تخلّيش كلامه يطلع صح يا آدم!
" آدم صوته ينفجر بغضب، ويضرب على الترابيزة، الصحون تقع علي الارض: 
أبوك ده كان بيحتقرني من أول يوم!
كان شايفني ولا حاجة…
بس دلوقتي أنا اللي بقى جوزك، يعني غصب عنه بقيت كل حياتك!
-ضحى تصرخ و الدموع نازلة: 
بس مش غصب عن ربنا يا آدم…
إنت بعيدتني عن الصلاة، بقيت أنام وأسيبها عشان أستناك، بقيت بضيع معاك!
"آدم يشدها من دراعها بعنف، وصوته مخيف: 
إوعي تجيبي سيرة أبوكي معايا!
أنا كده ومش هتغير، ولو فتحتِ الموضوع ده تاني، هخليكي تندمي إنك اخترتيني.
ويدفعها دفعة قوية تخليها تقع على الأرض جنب الترابيزة. ضحى تبص له بصدمة ووجع،و دموعها تنزل على خدها. آدم يطلع سيجارة وهو بيتنفس بغضب، يولعها، ويسيبها مرمية وهو داخل الأوضة. ضحى تبكي بصمت، صوت أبوها بيرن في ودانها: "هو اللي هيغيرك… هيكسرك يوم ورا يوم.". 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد ست شهور من المعاناة: 
وفي يوم ضحى قاعدة ع الترابيزة بتكتب في كراسة صغيرة، وشها باهت، وجسمها هزيل. آدم داخل البيت، صوته عالي من أول الباب، باين إنه متعصب. بيخبط الباب برجله. 
"آدم بصوت غاضب: 
ضحــــى! فين الفلوس؟
-ضحى ترفع عينيها بتعب: 
فلوس إيه يا آدم؟ مافيش غير اللي أبويا مدهملي امبارح. 
، آدم يقرب منها،و عينه تلمع بجشع: 
اديني الفلوس دلوقتي، أنا محتاجهم. 
-ضحى بخوف، تحط إيدها على الكراسة: 
محتاج ليه؟! دي مصاريف الأكل والشهر…
" آدم يضحك بسخرية، يقرب منها أكتر: 
أكل إيه؟! هو أنا لاقي أكل مع وشك الناشف ده؟
هاتي الفلوس قبل ما أوريكي.
-ضحى بصوت بيرتعش: 
آدم، بالله عليك، بلاش. أنا مش هديك الفلوس دي عشان حشيشك.
"آدم وشه يتغير فجأة، يمد إيده ويخطف الكراسة، يرميها بعيد ويمسكها من شعرها بعنف وصوته مرعب: 
إوعي ترفعي صوتك عليا تاني، 
أنا جوزك، واللي معاكي ملكي!
ويضربها كف يخليها تقع على الأرض.
-ضحى بقهر: 
سيبني يا آدم، كفاية! إنت بتقتلني كل يوم!
" آدم بضحكة سامة: 
وهفضل أعمل كده، لحد ما أفلسك وأكسرك…
إنتي مش ملكك نفسك، إنتي ملكي أنا.
" يفتش شنطتها بالعافية، يلاقي ظرف صغير فيه فلوس. ياخده ويعد الفلوس وهو بيضحك بسخرية: 
ها… أهو اللي كنت بدوّر عليه.
المرة الجاية لو خبّيتي عني جنيه واحد، هكسرلك ضلع.
بيفضل الوضع كده وكل يوم ضحى تضعف أكتر، بقت ما بتاكلش كويس، ما بتصليش، دايمًا منطوية. كل يوم في ضرب، كل يوم في إهانات. حتى جيرانهم بقوا يسمعوا صوت خناقاتهم
بعد فترة ضحى داخلة بيت أهلها،و وشها شاحب وعليه آثار كدمات متغطية بالمكياج. أمها تبص لها بصدمة، تحضنها. الأب قاعد في الصالة، يبص لها بنظرة قاسية بس عينه تفضح وجعه: 
•الأم بصوت مخنوق: 
يا بنتي مالك؟ إيه اللي حصلك؟
-ضحى بنهيار: 
مفيش يا ماما، تعبت بس…
~الأب يقوم واقف بحدة، وصوته جهوري: 
قولي الحق يا ضحى…
الواد ده مد إيده عليكي؟
ضحى تبص للأرض،و دموعها تنزل من غير ما تتكلم. الأب يفهم. يقرب منها خطوة بخطوة، صوته يرتجف من الغضب: 
أنا حذرتك، قلتلك إنه هيكسرك…
والنهارده أنا مش هسيبك يوم زيادة معاه!
ضحى تنهار وتعيط  سامحني يا بابا.
الأب يبص لها بوجع، يحط إيده على راسها بحنية ويقول:
اللي عمله فيكي مش رجولة…
أنا هطلّقك منه بإيدي، وهرجعلك كرامتك قبل أي حاجة تعالي معايا. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
ضحى داخلة الشقة مع أبوها، صوت خطواتهم تقيل.و آدم قاعد على الكنبة، السيجارة في إيده، باين عليه الاستهتار. يرفع عينه يشوفهم
"آدم بغرور: 
إيه ده؟ حمايا العزيز عندنا! إيه اللي جابك يا عم الحج؟
~الأب بهدوء مخيف: 
جيت آخد حق بنتي.
" آدم يقوم يقف ، ويضحك باستهزاء: 
دي مراتي، وأنا حر فيها.
~الأب يقرب منه خطوة بخطوة، وصوته جهوري وحاد: 
حر فيها؟
الحرية مش إنك تضربها، ولا تسرق فلوسها، ولا تضيعها معاك.
اللي عملته فيها اسمه جريمة، ولو مشيت بالقانون، أنا أعرف أخليك تبات في السجن من غير ما تشوف الضو تاني.
آدم يبلع ريقه، ويبان عليه التوتر والخوف  لكنه يحاول يمثّل القوة: 
إنت فاكر إنك تخوفني؟!
~الأب بصوت ثابت، وهو واقف ووشه في وشه: 
أنا مش جاي أخوفك، أنا جاي أقطع آخر خيط بيربط بنتي بيك.
إنتَ خلاص خلّصت، دلوقتي حالًا، تطلقها.
"آدم يحاول يضحك بس صوته مهزوز: 
أنا؟! أطلقها؟! ومين إنت عشان…
~الأب يقطع كلامه: 
أنا أبوها!
أنا اللي سلمت بنتي لكلب زايك، وأنت اللي بعزقت حياتها وضربتها وسرقت فلوسها!
دلوقتي، لو عندك نقطة رجولة، قول الكلمة وخلّص.
" آدم يتعرق، يحاول يتهرب، لكن عينه مش قادرة تواجه الأب. ضحى تبص له بخوف وكره في نفس الوقت. تشوف فيه الوهن والضعف اللي عمرها ما شافته.
~الأب بصوت حاد جدًا: 
قولها يا آدم، دلوقتي، قدام عيني.
وأنا متأكد إنك هترضى، لأنك عارف كويس لو فتحت بقك كلمة زيادة، هعرف أخليك تتمنى الموت.
"آدم يتنفس بسرعة، وبصوت مكسور يهمس: 
… انتي  طالق يا ضحى، طالق بالتلاته
ضحى تنهار من العياط في حضن ابوها والأب يقف ثابت، يتنفس بعمق كأنه شال جبل من على صدره. يبص لآدم نظرة احتقار: 
من النهارده، ما بقاش ليك أي صلة بيها.
وصدقني، لو حتى حاولت تلمّح إنك تقرب منها تاني، مش هتلاقي نفسك موجود في الدنيا.
يمسك إيد ضحى ويساعدها تمشي، يخرجوا من الشقة بخطوات تقيلة. آدم يقعد على الأرض لوحده، يدفن وشه بين إيديه. الباب يتقفل، والهدوء يسود. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
مش كل اللي يقول بحبك يستاهل يبقى جوزك.
ومش كل اللي بنحبه ينفع يكون شريك عمرنا، الحب مش كل حاجة.
أهلك لما يوقفوا قصادك مش عشان يكسّروا فرحتك، لكن عشان يحموا عمرك.
اللي بيرفضوه مش بيشوفوا فيه جواز، بيشوفوا فيه وجع.
النبي ﷺ  قال: من ترضون دينه وخلقه.لأن الدين والخلق هم الأمان الحقيقي.الدين والخلق، هما الأساس اللي بيحمي البنت ويحافظ عليها
واللي ما يعرفش ربنا، مش هيعرف يصونك، حتى لو غرقك بكلام حب.
ضحى افتكرت إن قلبها هيغير آدم، لكن الحقيقة إن اللي ما غيروش ضميره، مش هتغيره أي بنت.
الحب مش ضمان، الحب من غير أخلاق بيبقى سجن، ومن غير دين بيبقى نار.
وما فيش بنت في الدنيا تقدر تغيّر راجل اتربى على الغلط.
اللي ما غيروش ضميره، مش هتغيره دموعك.
وكمان  أوعي تفتكري إن كل الرجالة زي آدم…
لسه فيه رجال بتخاف ربنا، تصون وتستر وتخليكي ملكة في بيتها.
اختاري الصح، اختاري اللي يقربك لربك.
لأن الجواز مش بس عشرة، الجواز جنة أو نار.
فيه رجالة تعرف يعني إيه أمانة، يعني إيه ستر ومسؤولية.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
"ودي كانت حكاية  ضحى، اللي اختارت بقلبها قبل عقلها، فدفعت الثمن،  ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه حكايات البنات كتير، وفي الآخر… ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
-عارفة يا سارة، ساعات بحس إن عمرو مش زي زمان. بيسرح كتير، يرد عليا بكلمة ويكمل في موبايله. أنا مش متعودة منه على كده.
~بترد عليها سارة من  التليفون  بخبث: 
آه، بدأ يزهق بقى. الرجالة لما يبتدوا يسيبوا مراتاتهم يتكلموا لوحدهم، يبقى قلبهم في حتة تانية.
-مريم مشدوهة:
إيه؟! لا طبعًا، إنتي بتكبّري الموضوع. هو، هو يمكن بس تعبان.
~سارة بضحكة صغيرة: 
تعبان؟ ولا بيلاقي راحته مع حد تاني يضحكه؟
-مريم بتتجمد مكانها وشها بينقلب من القلق للرعب وبتقول بصوت متقطع: 
لا… عمرو مش كده… عمرو مش ممكن يخوني.
~سارة ببرود: 
الخيانة مش شرط تبقى خيانة جسد، ممكن تبقى خيانة قلب. إن قلبه يروح لمكان غيرك. وإنتي مش حاسة؟
•فجأة يخرج عمرو  من أوضة النوم وهو بيلبس تيشيرت، يسمع آخر كلمة. يبصلها باستغراب ويقول بحزم: 
مش حاسة بإيه يا مريم؟! بتكلمي مين؟!
-مريم بتتلخبط، وتقفل المكالمة بسرعة وإيديها بتترعش،و عمرو  واقف قدامها بنظرة غضب.  
-مريم بلخبطه وشرود: 
ها...... كنت بكلم سارة ياعمرو! 
•عمرو بنرفزة: 
انا مش قولتلك ميت مره، اني مبستريحش لسارة دي، بحسها مش بتحبك؟ 
-مريم بعصبية: 
اللي انت بتقوله ده ياعمرو، سارة صحبتي، وكمان ليه بتقول عليها كده؟ 
•عمرو بصوت عالي: 
لان كل مره تكلمك في التليفون، او تيجي هنا، لازم نتخانق بعدها، دي واحده حقوده ومش بتحبك افهمي بقا. قال كلامه وسبها ومشي. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
تاني يوم مريم قاعدة مع سارة وبتقول بصوت مضطرب: 
امبارح عمرو دخل وأنا بكلمك، حسيت إنه شاك فيا أنا! قعد يسألني كنت بقول إيه وليه قفلت بسرعة.
~سارة بهدوء مصطنع ومكر: 
شايفة؟! حتى هو عنده أسرار، لكن لما إنتي يكون عندك كلمة زيادة بيتوتر. مش غريبة؟
-يمكن، ويمكن أنا غلطت إني قفلت بسرعة كده، لان لو اي حد كان هيشك برضو. 
~سارة تضحك بخبث: 
غلطتي عشان صدقتي زيادة، الرجالة ما يستاهلوش ثقة مطلقة.
مريم بتبص لها بقلق وتبدأ الفكرة تستقر في عقلها.
• بالليل، عمرو داخل من الشغل، تعبان. بيرمي شنطته، ويقعد.
مريم… في أكل؟
-مريم بحدة غير معتادة: 
أيوه. في أكل، بس قوللي الأول كنت فين متأخر كده؟
•عمرو مصدوم من نبرتها:
إيه السؤال ده يا مريم؟! في الشغل طبعًا.
-مريم بشك: 
الشغل بينتهي 6، إنت جيت 10. أربع ساعات ضايعين فين؟!
•عمرو بيقوم غاضب: 
إيه اللي خلاكي  تحاسبيني كأني متهم؟! أنا راجل بشتغل عشان البيت ده يعيش.
-مريم بدموع وصوت عالي: 
يمكن البيت ده يعيش فعلا. 
عمرو يضرب كف بإيده على الترابيزة بعصبية،  ويسكت لحظة، و بعدين يطلع من الأوضة.
-تجري مريم تجيب الفون وتكلم سارة بعياط: 
سارة، الحقني أنا وهو اتخانقنا جامد، أول مرة نوصل لمرحلة إننا مانتكلمش.
~سارة تبتسم، كأنها مبسوطة، وبعدين تقول بحزن مصطنع: 
عارفة ليه؟ عشان إنتي قربتي تلمسي الحقيقة، دايمًا لما الواحدة تبتدي تسأل أسئلة مظبوطة الراجل يتوتر ويبان على حقيقته.
-مريم بقلق: 
يعني، إنتي شايفة إنه فعلاً ممكن يخوني؟
~سارة تقول ببطء: 
أنا مش هقولك آه أو لأ، بس اللي بيتأخر وبيخبي، بيخبي وراه سر كبير.
-مريم بحزن: 
حاسة إنه بقى بعيد، بيرجع مرهق، قليل الكلام.
~سارة تضحك بخبث: 
بعيد؟ ده معناه إن في حد تاني مالي دماغه. خلي بالك يا مريم، الرجالة لما يسكتوا يبقى في وراهم حكاية.
-بس أنا عارفاه، عمرو مش كده. 
~إنتي فاكرة كده. كل واحدة اتخانت كانت بتقول جوزي مش كده. 
-مريم تقفل وتبدأ تنهار أكتر.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
• تاني يوم عمرو راجع من الشغل، بيحاول يهزر معاها: 
إيه يا ست الكل؟ مش ناوية تضحكيلي بقى؟ من ساعة ما دخلت وإنتي مكشرة.
-مريم بفتور: 
إنت جاي متأخر كالعادة، وانا تعبت من الانتظار.
•عمرو يتنهد: 
الشغل يا مريم. 
-مريم صوت متردد: 
يمكن… ويمكن في حاجة تانية؟
•عمرو يبص لها مستغرب:
إيه الكلام ده؟
-مريم بتهرب: 
ولا حاجة، سيبك.
•عمرو بيحاول يلمس إيدها: 
مالك بقيتي ساكتة؟
-مريم تسحب إيدها:
قوللي الأول، إنت فعلاً كنت في الشغل امبارح؟
•عمرو يتجمد من الصدمة، وصوته يعلى: 
إيه السؤال الغريب ده؟!
-مريم ببرود لكن من جواها مقهورة: 
أنا بسأل! ليه زعلان؟
•عمرو بحزن: 
لأني مش متعود مراتي تشك فيا!
-مريم دموعها نازلة: 
كفاية يا عمرو، مش قادره أعيش وأنا حاسة إنك مش معايا. إنت بتخوني، صح؟! قول الحقيقة!
•عمرو ينفجر: 
إيه الكلام الفارغ ده! أنا عمري ما خنتك، لكن شكك ده هيولّع البيت!
-مريم بتصرخ: 
أنا مش بجيب من عندي! سارة قالتلي…
•عمرو يقطعها بعصبية: 
سارة؟! سارة؟! إنتي بقيتي تاخدي حياتنا من لسان واحدة غريبة؟! بيتنا هيتهد بسببها!
 يسكتوا لحظة و التوتر يوصل للقمة و نظراتهم كلها كره وجرح. يرفع صوته:
يعني أنا كل يوم أرجع مهدود من الشغل عشان ألاقيكي مستنياني! 
 كنت فاكر ألاقي حضن،طلع العكس كنت  بألاقي تحقيقات! ألاقي شك! كل ده عشان صاحبتك؟!
لو الموضوع مكمل كده، يبقى الطلاق أرحم!
-مريم تتراجع، وعيونها تلمع بالدموع وتحاول تقرب: 
عمرو انت بتقول أي؟ 
•عمرو بوجع: 
مريم، الثقة لو وقعت ما بتتصلحش بسهولة. إنتي خليتي واحدة غريبة تبقى الحكم بيني وبينك. لو ده بيتكلم، يبقى بيتنا فعلاً بيتهد.
-مريم تنهار، تحاول تمسك إيده، وهو يسحبها، يطلع من الأوضة ويقفل الباب جامد.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
عند عمرو وهو نازل السلم بيلاقي سارة طالعة  لمريم، و اول لما تشوفه تقف بثقة وابتسامة مصطنعة.
~سارة بصوت ناعم: 
إزيك يا عمرو… عامل إيه؟
•عمرو بيرد وهو مش طايق يشوفها، بنبرة قصيرة وجافة: 
بخير الحمدلله. 
~سارة تضحك بخفة وتقرب ناحيته: 
أقولك حاجة يا عمرو؟
•عمرو وهو متضايق، رافع حواجبه باستنكار: 
إيه تاني يا سارة؟
~سارة بهدوء لكن كلامها زي السم:
كنت عاوزه اقولك، بصراحة، مريم ما تنفعكش. بقت زنّانة، ونكدية وشكاكة زيادة عن اللزوم. الراجل مش بيستحمل كده، ده وجع دماغ. وأنا بقولك من الآخر، استحسن تسيبها قبل ما تخرب حياتك.
•عمرو بيتجمد لحظة، وبعدين عينه تلمع بالغضب. ويرد بحدة وبصوت غاضب: 
خلاص يا سارة، كفاية. كل مرة لازم تدخلي بيني وبين مراتي؟
~سارة تتفاجئ بحدته، وتحاول تمثل إنها بريئة: 
أنا بخاف عليك بس، مصلحتك عندي يا عمرو.
•عمرو بسخرية، يقرب منها بخطوة: 
مصلحتي؟! إنتي مش شايفة نفسك؟ كل كلمة بتقولّيها مليانة حقد… إنتي مش طايقة تشوفي مريم مبسوطة. مش طايقة تشوفيها  عايشة في أمان مع جوزها. إنتي عايزة تهدي بيتنا بأي شكل.
~سارة تفتح بقها علشان ترد، بس عمرو يقطعها، وصوته حاسم: 
اسمعي يا سارة، من النهارده مفيش دخول في حياتنا. لا كلمة ولا نصيحة ولا تدخل. مريم مراتي، وحياتنا ملكنا إحنا. إنتي لو عايزة تخربي بيتك، اخربيه. لكن بيتنا لأ ويسبها وينزل. 
~سارة الكلام ينزل عليها زي جردل المياه الصاقعة في عز الشتا وتنزل قبل متروح لمريم تمشي بسرعة وهي متغاظة
بليل وعمرو داخل البيت، يلاقي مريم قاعدة على الكنبة متضايقة، باين عليها إنها مضغوطة.
-مريم بصوت واطي وحزين:
حمدالله على السلامةيا عمرو. 
•عمرو يقعد قصادها، بصوت ثابت:
تعالي هنا يا مريم. أنا عايز أقولك حاجة مهمة، قبل ما تضيعي بيتنا.
-مريم بتتسمر مكانها: 
في إيه؟
•عمرو يبص في عينها:
صاحبتك اللي إنتِ مش مخلّياها حاجة ما تعرفهاش عننا، بتقول عليكي إيه؟ بتقول إنك زنّانة، نكدية، وشكاكة. والنهارده وقفت على باب البيت وقالتلي أسيبك. تخيلي!
-مريم تتصدم، تحط إيدها على وشها، دموعها تنزل وهي مش مستوعبة وتقول بصوت مخنوق: 
هي قالتلك كده؟! أنا، أنا عمري ما صدقت إنها ممكن تقول عني كده.
وكمان هي مجاتش هنا النهاردة؟ 
•عمرو بيمسك إيدها بحزم: 
فوقي بقى يا مريم. دي مش صاحبة، دي سمّ. إنتي طول الوقت بتحكي لها أسرارنا، وهي مش مستنياكي غير تتهدّي وتتهزّي. وأنا مش هسيبها تخرب بينا.
واه يمريم جات هنا النهاردة وقالت الكلمتين دول لما شفتني نازل ونزلت بعدي علي طول؟ 
-مريم تبكي بحرقة، تحس إنها كانت عمياء طول الوقت. ترمي نفسها في حضنه، وهو يضمها بحب وقوة وتقول بحزن: 
سامحني يا عمرو، أنا كنت هضيّع كل حاجة بسبب كلامها.
•عمرو يمسح دموعها: 
خلاص، أهم حاجة إني وإنتي نفهم مين اللي معانا ومين ضدنا. بيتنا لينا إحنا، مش لحد تاني.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
•عمرو بجدية: 
هنعمل اي دلوقتي، يا مريومتي. 
-مريم بكسوف من نفسها وعدم فهم: 
مش عارفه، بس قبل اي حاجه، انا عاوزه اعرف، ليه عملت كده عاوزه افهم. 
•طب وهتعملي اي. 
-مريم بصوت مكسور: 
هكلمها وافهم، اي ده! دي بترن، الو سارة تعاليلي  احنا اتخانقنا وهو ساب البيت،علشان عاوزني اقطع علاقتي بيكي وانا رفضت. 
بعد وقت قصير، مريم بتقوم تفتح باب الشقة لسارة وهي داخلة بخطوات سريعة، ورسمة ابتسامة باردة جدًا. 
~سارة بهدوء مصطنع:
اهدي، أنا جيت. شفتي؟ حتى جوزك قلب عليكي. واضح إن هو اللي بيحرّضك عليا.
•عمرو بعصبية مكبوتة: 
لا يا سارة، أنا ما قلبتش حد. أنا فضحت اللي إنتي بتعمليه. مريم عرفت إنك طول الوقت كنتي بتلعبِي في دماغها، تقولي لها: جوزك مش ملاك، جوزك كذا وكذا، علشان تشك فيا!
-مريم بعصبية، وصوتها عالي: 
بيحرّضني؟! عمرو عمره ما قالّي كلمة عليك غير النهارده. وانتي عارفة ليه؟ لأنه شاف الحقيقة اللي أنا كنت عمياء عنها، شاف إنك إنتي السبب في كل اللي حصل بيني وبينه!
~سارة تتنهد، تقعد على الكنبة، تبص لها نظرة فيها تحدي: 
الحقيقة؟ ولا الهبل اللي في دماغك؟ يا مريم، جوزك مش ملاك. إنتي عشان بتحبيه بتتعامي. أنا بس بفتح عينيكي، بكشفه قدامك. جوزك مش زي ما انتي فاكرة.
-مريم بصريخ: 
كفاية! كفاية لعب بعقلي! أنا طول عمري باجي أفضفضلك، أقولك على كل حاجة، أحكيلك أدق تفاصيل حياتي، إزاي تبيعي كل ده؟ إزاي؟!
سارة تسند ضهرها على الكنبة وتضحك ضحكة قصيرة فيها سخرية وتقول بحقد:
علشان انتي عندك اللي أنا مش لاقياه! عندك راجل شايفك ست، شايفك غالية. 
وعلشان تبطلي تعيشي في دور البرنسيسة. كل يوم جوزي عمل وجوزي جاب وجوزي بيطبطب، وأنا؟! أنا باخد إيه؟ شتيمة، ضرب، قلة قيمة. حتى حماتك بتحبك، وأنا حماتي بتاكل في لحمي. إنتي عايشة في نعمة ومش حاسة بيها!
-مريم بتصرخ،و صوتها مبحوح من العياط: 
كفاية! أنا مش ناقصاكي إنتي عارفة إني طول عمري مستنيا ضمة، كلمة، طفل يملالي حياتي، وما جاش ! ورغم ده حامدة ربنا! عمري ما حسدتك على حاجه. 
وأنا؟! أنا عندي كل حاجة؟ أنا مش ناقصني؟! أنا بقالي سنين متجوزة ومخلفتش، بحس إني نص ست، ومع ذلك راضية،ليه بقى تبصيلي بغل؟ ليه تكسري بيتي؟!
~سارة تقوم تقف،و تقرب منها بخطوة، صوتها واطي لكنه مليان سم: 
علشان انتي عندك اللي أنا مش لاقياه، حنية، حضن، راجل يقولك كلمة حلوة. أنا عمري ما شفت ده. كل يوم وجع، كل يوم ذل. فلما بشوفك، بكرهك. أيوه، بكرهك!
-مريم بتنهار، وتقع على الكنبة، تحط وشها في إيديها وتبكي بصوت عالي جدًا. سارة واقفة قدامها، وشها متحجر بس عيونها مولعة بالحقد.
مريم من وسط العياط، بصوت متقطع:
أنا كنت فاكرة إنك أختي، وطلعتِ غريبة، طلعتِ عدوة!
-فجأة بتقوم تقف وتقول بصوت مبحوح، لكن قوي: 
أنا مش عايزه أعرفك تاني في حياتي. غوري، بالغل اللي جواكي، ابعدي عننا. إنتِ خلاص، انتهيتي بالنسبة لي!
عمرو يقف جنب مريم، يحط إيده على كتفها كأنه بيثبتها. سارة تتلبك للحظة، وكل ده ومريم  بتعيط في حضنه، وهو ماسكها بقوة، كأنه بيقول أنا هنا، ومش هسيبك
سارة تبص لهم بنظرة كلها حقد وانكسار، تاخد شنطتها بسرعة وتخرج، الباب يتقفل وراها بعنف.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
 بعد خروج سارة. مريم بتقف تايهة، دموعها بتنزل من غير ما توقف. عمرو يقرب بسرعة، ياخدها في حضنه. هي تنهار وتعيط بصوت عالي، وهو ماسكها جامد.
•عمرو بهدوء وصوت حنين: 
مريومتي، خلاص يا حبيبتي، أنا هنا. ما تسيبيش أي كلمة من حد تكسرك، أنا عمري ما هسيبك.
يخليها تقعد على الكنبة، يقعد قدامها ماسك إيديها، يبص في عينيها مباشرة: 
بصي يا روحي، في حاجات بيننا إحنا بس. حتى أقرب الناس مش لازم يعرفوها. البيت اللي يطلع سره برا… مش بيبقى بيت.
اسمعي، أنا ممكن أزعل منك، أصرخ، نتخانق مليون مرة. بس أوعى تفتكري إني في يوم أقبل أسمع كلمة واحدة عليك من بره، حتى لو من أختي!
اللي بيننا ده مش هزار، ده عمر وحياة.
يمسح دموعها، ويحط إيده على خدها ويقول بنبرة قوية لكن هادية: 
خديها نصيحة مني يا مريم: 
ما فيش حد هيخاف على البيت غير اللي ساكنينه. اللي برا، ممكن يغير، ممكن يحقد، حتى لو لبس وشّ صاحبة أو أخت.
إنتي قلبي، واللي يدخل بيني وبينك عمره ما هيبقى في صفنا.
من النهارده، أي حاجة بتحسي بيها، قوليلي أنا. أنا الوحيد اللي هسمعلك.
مريم تبص له بعيون غرقانة دموع، بس ابتسامة صغيرة بتظهر وتقول بهمس: 
إنت صح يا عمرو، والله ما أكررها. أنا اتعلمت الدرس. إنت ضهري وسندي، وربنا يبعد عننا أي حد يغير علينا.
•عمرو يبتسم،و يسحبها في حضنه تاني، ويطبطب على ضهرها،  ويقول بابتسامة هادية: 
وإحنا مع بعض،  محدش في الدنيا يقدر يوقعنا. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
في ناس كتير بنقابلهم في حياتنا، بنشوف فيهم الأخت، الصحاب، السند. بنصدق إنهم هيفرحوا لفرحنا ويزعلوا لزعلنا.
بس الحقيقة، مش كل الناس قلبها أبيض زي ما إحنا متخيلين.
أوقات بيبقى اللي قدامك بيحبك فعلًا، بس يشوف عندك حاجة مش عنده، يشوف جوزك بيطبطب، أو بيتك متماسك، أو حتى ابتسامة على وشك، وساعتها جواه حاجة صغيرة بتتزرع، غيرة، حقد، وجع، حتى لو هو مش عايز يحس بيها.
المشكلة إن الحاجة الصغيرة دي ممكن تكبر، وتتحول لخنجر يطعن بيه قلبك وأنتِ مش واخدة بالك.
اتعلمت إن السر لو خرج من بينك وبين اللي معاك في بيتك… ما يبقاش سر.
اتعلمت إن مش كل كلمة تتقال، ومش كل وجع يتشارك. في حاجات مكانها جوا حضن اللي بتحبيه، مش ودن أي حد تاني.
إوعى تفتكري إن القرب معناه الأمان. القرب ساعات بيكشفك… يخلي اللي قدامك يشوفك ملكة وهو حاسس نفسه خسران.
إوعى تفتكري إن اللي بيضحك في وشك دايمًا هيفرحلك. في ناس بتضحك وهي جواها بتقول: ليه هي؟ مش أنا ليه؟
خديها قاعدة، البيت بيتين: بيت جوه جدرانه، وبيت جوه قلوب أصحابه. لو فتحتِ بابه لكل الناس، هيتهد.
لكن لو قفلتيه على حبك وراجلِك، هيبقى حصن، محدش يقدر يهده.
اللي يحافظ على سره، يحافظ على بيته.
واللي يحافظ على بيته، يحافظ على عمره كله.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
"ودي كانت حكاية مريم مع سارة، حكاية علمتنا إن مش كل اللي يدخل بيتك يستاهل يعرف سرك، علمتنا إن الغيرة ممكن تلبس وشّ المحبة، وإن أقرب الناس ليك ممكن يكونوا أبعدهم عن قلبك.
 ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه حكايات البنات كتير.
وفي الآخر… ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
انتظروني  في حكاية بنت جديدة." 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
•إزاي يعني يا راجل؟ البت لسه طفلة.. ما بتعرفش تعمل حاجة غير إنها تلعب بالعرايس وعايز تجوزها؟
-الأب بهدوء مصتنع:
يا وليه اسكتي، الواد متريّش ومعاه فلوس، هيعيّشها عيشة مرتاحة، إيه ناقصنا؟
•الأم بصوت مخنوق: 
بس الولد كبير! داخل ع التلاتينات، وهي لسه ما كملتش ١٤ سنة!
-الأب يرمي كباية الشاي على الطبلية بعصبية: 
وإيه يعني؟! ده ستر يا وليه، ستر! وبعدين ما تنسيش إنك كنت في نفس السن لما اتجوزتي.
جرس الباب يرن فجأة.
-الأب يقف بسرعة، يعدل جلابيته، ويبص لمراته:
العريس جه، قومِي جهّزي البت.
الأم تبص له بتردد، بعدين تمشي بخطوات تقيلة ناحية أوضة البنت
•بتدخل الأم بحزم: 
قومي يا بت! كفاية لعب عيال، العريس تحت، وعايز يشوفك دلوقتي.
~ملك بصوت مهزوز: 
يا ماما بلاش، أنا عايزة أذاكر! نفسي أكبر وأبقى دكتورة، أساعد الناس.
•الأم بضحكة سخرية وهي تحط الفستان على المكتب فوق الكراسة:
دكتورة إيه يا بت؟ هو التعليم جاب لنا حاجة؟ الجواز ستر، والراجل مش هقصّر معاكي.
وبعدين  هو التعليم اللي هينفعك؟ ولا الشهادة اللي هتشبعك؟ الجواز ستر، والراجل هيعيشك ملكة.
~ملك بقهر: 
أنا نفسي ألبس البالطو الأبيض وأعالِج الناس، مش عايزة أتجوز دلوقتي.
•الأم ترفع صوتها:
كفاية أحلام فاضية! الراجل هيجيبلك دهب وفساتين، وبيت جديد. هتبقي ست الستات. هو في بنت في سنك ييجي لها عريس متريّش كده؟
~ملك تمسك الكراسة بسرعة، تحاول تخبيها: 
لكن أنا لسه صغيرة، عايزة أتعلم، مش أتجوز.
•الأم بقسوة، وهي تسحب الكراسة من إيدها وترميها عالأرض: 
صغيرة إيه! أنا كنت في سنك واتجوزت. اسمعي الكلام، الراجل متريّش، هيجيبلك بيت لوحدك، وفساتين جديدة كل يوم. أحسن ما تفضلي قاعدة هنا زي العيال.
~ملك تصرخ بدموع، ماسكة العروسة من الأرض: 
أنا طفلة يا ماما، دي عروستي لسه معايا!
•الأم بصوت قاطع، وهي تدفع الفستان في إيدها: 
من النهارده انسي الكلام الفاضي ده، وهتسيبي لعب العيال ده. هتبقي ست بيت، مش عيلة. قومي البسي، العريس مش هيستنّى.وكمان عاوزكي زي القمر. 
بتخلص ملك لبس وبتدخل الاوضة اللي قاعدين فيها: 
الأب واقف يستقبل العريس: رجل في أوائل الثلاثينات، لابس بدلة بسيطة، . يدخل بابتسامة واثقة.
-الأب بحماس: 
أهلاً وسهلاً يا عريسنا، البيت نور.
"علي. بابتسامة:
الله يخليك يا حاج، دي ليلة مباركة إن شاء الله.
فجأه تدخل ملك الأب يقوم بحماس: 
اتفضل يا علي. دي بنتي ملك، زي القمر زي ما قلتلك.
•الأم بتردد: 
هو يعني يا علي، إنت شاب لسه في عز شبابك، ليه ما تتجوزش واحدة من سنك؟
" علي يبتسم ابتسامة واثقة ويقول ببرود: 
علشان أنا عايز واحدة صغيرة أربيها على إيدي، تتعود على طباعي من الأول، وتبقى زي ما أنا عايز.
-الأب يضحك باقتناع، يهز راسه: عندك حق
~ملك ترفع وشها ببراءة وتتكلم لأول مرة، صوتها طفولي متردد:
بس يا ماما، هو كبير أوي بالنسبة لي.
-الأب ينفعل ويبحلق في ملك ويقول بعصبية:
اسكتي يا بت! عيب الكلام ده. قومي سلمي زي الناس.
"علي يتدخل بابتسامة هادية:
لا يا حاج، ما فيش مشكلة ملك لسه صغيرة وبتتكلم بعفوية. وأنا اللي عاجبني فيها البراءة دي.
~ملك تبص في الأرض، إيديها متشابكة بتوتر. 
" علي بصوت جاد: 
أنا عايز الفرح بعد ست شهور.
-الأب بندهاش:
ست شهور؟ ده قليل أوي، إحنا مش هنلحق نجهز حاجة.
"علي بثقة:
ما تشيلوش هم حاجه، كله عليا: الشقة، الجهاز، الفرح، عليكم بس تجيبوا ملك بشنطة هدومها. 
-الأب يمد إيده بسرعة يسلم على علي، ملامحه كلها لهفة وطمع واضح، كأنه لقى كنز وقع بين إيديه ويقول بحماس: 
مبروك يا علي، ألف مبروك.
•الأم تبص للبنت اللي واقفة متجمدة، دموعها بتلمع في عينيها وهي ساكتة، في حين الكل حوالينها بيتكلم في تفاصيل الجواز. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد كم يوم، اتعملت الخطوبة. الدهب لمع في إيد طفلة ما تعرفش يعني إيه خطوبة، ولا يعني إيه مسؤولية. علي كان بيبعت كل يوم هدية جديدة: مرة فستان، مرة موبايل، مرة علبة شوكولاتة غالية. ملك كانت تندهش وتبتسم ابتسامة بريئة، مش فاهمة إن كل هدية بتربطها بسلسلة جديدة.
كانت بتبص لالأب وهو يعد الفلوس اللي علي بعته عشان مصاريف البيت ويضحك، وعينه كلها طمع. 
الأب كان كل ما يشوف هدية أو ظرف فلوس، يبارك ويشجع.و الأم كانت ساكتة،  والطفلة؟ كل يوم كانت بتسأل: هو لازم أتجوز دلوقتي؟ مش ممكن أكمّل دراستي الأول؟
الأم تمسكها وتهمس: اصبري يا بنتي، نصيبك جه، والناس كلها بتقول علي ابن حلال. 
الخطوبة ما طولتش علشان علي كان مستعجل، والأب كان فرحان إن كل حاجة بتتدفع من جيب العريس. وبعد شهور قليلة، اتعمل الفرح. البنت اتزفّت زي أي عروسة، لكن الحقيقة إن الكل كان عارف، هي لسه طفلة.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
كتير من الروايات بتحكي إن البطل، لما يتجوز طفلة، بيصبر عليها. ياخد عهد قدام نفسه إنه ما يلمسهاش غير لما تكبر وتخلص تعليمها. يديها فرصة تعيش سنها، يتعامل معاها كأب أو أخ لحد ما تيجي اللحظة الصح.
لكن هنا، ما كانش فيه صبر، هنا كانت الحقيقية المرة. 
الليلة اللي الناس كلها سموها ليلة عمرها، كانت بداية نهايتها. طفلة اتسحبت من حضن المدرسة والأحلام الصغيرة، وتزفت لراجل شايفها غنيمة، مش إنسانة.
انتهك براءتها من أول لحظة، وكأن ضحكتها اللي كانت لسه بتتهجّى الحروف في الكُشكول، اتقطعت واتدفنت جوه جدران أوضة مقفولة.
طفلة اتزفّت يوم الفرح، وانتهت براءتها في نفس الليلة. ما كانش فيه صبر، ولا عهد، ولا فرصة إنها تكمل تعليمها.
العريس الكبير ما شافش فيها غير جارية صغيرة، والأب ما شافش غير الذهب والفلوس. والأم؟ صوتها اتكتم بين الخوف والعجز.
الليلة دي ما كانتش بداية قصة حب زي الحواديت، كانت بداية حكاية وجع لطفلة اتسلبت منها طفولتها، واتكتب لها قدر ما اختارتوش.
الصبح ما كانش زي أي صبح. البنت ما قامتش بعينين بتلمع زي أي عروسة صغيرة بتحلم. قامت بعينين مطفية، مرعوبة، مش فاهمة إيه اللي حصل. كانت ماسكة في نفسها زي اللي بيغرق، ومحدش مديها إيد.
الأب ما شافش غير الفلوس والهدايا اللي بتتراكم، والأم غرقانة بين الخوف والعجز، والمجتمع حوالينها بيبارك.
لكن جوه قلب الطفلة؟
كان في وجع أكبر من سنها، وكسرة مش قادرة تنطق بيها.
ما بقتش بنت عايزة تكمل تعليمها، ولا تحلم تكون دكتورة. بقت جسد صغير انكسر، وروح محبوسة بين أربع حيطان، ولسانها اتكمم قبل ما ينطق كلمة: حرام.
دي ما كانتش ليلة فرح. دي كانت ليلة خطف عمر، ليلة انتهكوا فيها براءة طفلة، وسمّوها جواز.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد أسبوعين ملك بتنزل تحت مع حماتها وهي واقفة تدي أوامر، ملك بتحاول تقطع خضار بس إيديها الصغيرة مش عارفة تمسك السكينة. 
حماتها بزعيق: 
هو ده اللي جايبوهولي؟ بنت ما تعرفش تطبخ ولا تعمل طبق محشي! ده أنتي هتفضحينا مع الناس يا بت!
ملك تبص في الأرض ودمعة تنزل على خدها. 
بالليل علي راجع من الشغل، بيرمي الشنطة ويقعد. وملك تدخل بكوباية شاي، إيديها بترتعش وتقع نقطة على الترابيزة.
"علي بعصبية:
 ما تعرفيش تمسكي كوباية؟!
حماتها بصوت عالي:
انا قلتلك يا ابني دي صغيرة، حتاجة تتعلم. لازم تنشف معاها شوايه. 
ملك بتسيب الصينية على الترابيزة وتجري على أوضتها. 
" علي بهدوء بعد ملك ماتمشي: 
ايوه يا امي، بس ملك لسه صغيره برضو. 
حماتها بقسواه: 
سيبك من دلعها، هي مش أول طفلة تتجوز. بكرة تتعود.
بعد يومين بالنهار: 
ملك واقفة قدام الحوض، بتغسل مواعين. فجأة تحط إيدها على بطنها، وشها يصفر، وتدوخ تقع على الأرض تصرخ بصوت ضعيف:
آااه، يا بطني، يا علي!
'علي يسمع صوتها من أوضة تانية، يجري عليها. يلاقيها على الأرض ودم نازل بسيط. 
'علي بخضة: 
يا نهار أبيض! قومي يا ملك! قومي!
يشيلها بسرعة بين إيديه، وهي مرمية زي العروسة القماش، ضعيفة وصوتها بيتقطع. 
~ملك بهمس: 
 أنا خايفة يا علي
"علي بخوف: متخفيش يملوكة
بيوصل المستشفى والدكاترة يدخلوا ملك بسرعة جوه. علي واقف بره متوتر، بيتمشى رايح جاي.
الممرضة:
حضرتك استنى بره.
بعد شوية تخرج الدكتورة بملامح جدية. 
'علي بلهفة: 
طمّنيني يا دكتورة، مالها؟
الدكتورة بنبرة جدية:
هي دلوقتي أحسن، بس حصل إجهاض.
" علي يتجمد: 
إجهاض؟! يعني إيه؟!
الدكتورة:
يعني كانت حامل، والجنين نزل.
"علي يفتح عينيه بدهشة، صوته يطلع متلخبط:
حامل؟! وهي، هي ما قالتليش! إزاي تخبي عني حاجة زي دي؟!
الدكتورة بهدوء:
مخبّتش يا أستاذ علي، هي نفسها ما تعرفش. دي طفلة. إزاي هتفهم إنها حامل؟ لسه جسمها ما كملش، ولا عقلها يستوعب. أعراض الحمل اللي حضرتك ممكن تلاحظها، هي تشوفها إنها تعب عادي.
" علي يسند إيده على الحيطة، صدمة وذنب في عينيه. يغمض عينه ويهمس لنفسه بصوت مبحوح: 
طفلة، وأنا، عاملها ست بيت.
الدكتورة:
في حاجه كمان، هي صغيرة جدًا، جسمها مش مستحمل الحمل.
"علي مصدوم:
يعني إيه؟!
الدكتورة بحزم: 
يعني لازم تفهم إن مراتك دي لسه طفلة. الحمل خطر عليها دلوقتي. أقل حاجة، ما ينفعش تفكروا في حمل تاني قبل 18 سنة. حياتها في خطر.
علي يحط إيده على راسه، يدخل لها. 
ملك بتحاول تبتسم بخوف: 
هو… هو أنا عندي إيه؟ أنا تعبانة ليه؟
قبل ما يستوعب يرد، تدخل الممرضة بحقنة
~ملك ترجع لورا بخوف طفلة: 
لأ، لأ، مش عايزة حقنة! بتوجع أوي، بلاش يا علي!
بتمسك إيده زي عيل صغير بيتوسل. علي يفضل يبص لها، ملامحه بتتغير، كأن الصدمة ضربته في قلبه ويقول في نفسه: 
دي مش زوجة، دي مش ست، دي طفلة. طفلة أنا دمرت براءتها
بعدالممرضة متخرج علي يقعد جنبها، ساكت، باصص فيها. يسكت شوية وبعدين يقرر يسأل بهدوء: 
قوليلي يا ملك إنتي نفسك في إيه دلوقتي؟
~ملك ترفع عينيها له، و ترد بسرعة من غير تفكير بابتسامة طفولية:
نفسي أرجع بيتنا، وألعب مع إخواتي،و أروح المدرسة تاني. نفسي أبقى دكتورة زي ما كنت بقول لماما.
الصدمة بتبان  على وش علي و عينيه تتملي دموع بس يحاول يخبي ويقول بصوت واطي: 
مدرسة…؟
~ملك بحماس بريء، كأنها بتحلم: 
أيوه، وحشتني الحصة والسبورة، نفسي أرجع زي زمان.
"علي يهمس لنفسه:
أنا، أنا ضيعتك.
يسكت شوية، ياخد نفس تقيل، وبعدين يبصلها بعزم وهو بيبص في عينيها: 
من النهارده، إنتي حرة. هرجعك بيتك، وهترجعي مدرستك. انتي مش مراتي، إنتي طفلة. وأنا ماليش حق أكمّل  كده. 
" علي بياخد ملك ويرجعها بيت أهلها الأب اول لمايشفهم يوقف، وعلي قدامه متوتر. وملك قاعدة في الركن خايفة. علي ياخد نفس تقيل ويقول بحزم: 
يا عمّي، أنا قررت أطلّق بنتك. هي طفلة، ومينفعش أكمل معاها.
الأب  يتصب فجأة، عينيه تبان فيها الغضب ويصرخ:
أنتي عملتي ليه إيه يا بنت الكلب؟!
كان بيبص لبنته بغل ويهجم عليها كأنه هي السبب. 
-الأب موجّه كلامه لعلي: 
وأنت يا أستاذ علي، تاخد بنات الناس تلعب بيهم وترميهم زي اللعبة؟! هو ده الرجولة؟!
ملك تعيط وترتجف. وعلي يوقف قدامها بسرعة يحوش عنها ويقول بحزم: 
إيدك عنها! ما تلومهاش، هي ملهاش ذنب. هي طفلة، وأنا الغلطان اللي وافقت من الأول.
-الأب يحدّف نظره على علي بغضب وصوت عالى: 
طفلة ولا مش طفلة  إنت خدت حقك وزيادة، وجاي تقول هتطلّقها كده ببساطة؟!
•الأم تدخل فجأة من المطبخ، بصوتها عالي بس فيه وجع:
هو هيتطلّقها إزاي يا راجل؟ دي طفلة، والجواز كان عرفي. ينفع يكتب طلاق إزاي وهي أصلاً ما كملتش 18؟
الكل يسكت لحظة، الصدمة تملأ الجو. علي بيتجمد، الأب يعض شفايفه من الغيظ. 
"علي بحزم: 
الحل الوحيد إنها تفضل على ذمتي لحد ما تكمل السن القانوني. بعد كده نكتب رسمي، وبعدها الطلاق اللي إنت عايزه يحصل.
ملك بتبص حوالينها بدموع، لأول مرة تستوعب حجم المصيبة: إنها لسه مربوطة بالجواز، مش بإرادتها. 
بتعدي السنين لحد ملك متكمل ال18وتطلق من علي بس طول الفترة دي كانت مهتمة جداً بدراستها ودايما بتطلع من الاوائل لحد ما في يوم بترجع  لابسة لبس مدرسة، شكلها أكبر وأنضج من قبل، لكن في عينيها أثر سنين الوجع بتلاقي ابوها قاعد. 
-الأب بهدوء مصطنع: 
تعالي يا بنتي، عايز أقولك خبر حلو.
~ملك بتحذر: 
خير يا بابا؟
-الأب بابتسامة مكر: 
جايبلك عريس متريش، راجل هيعوضك عن اللي فات. مش أي كلام، ده فرصه ما تتفوتش.
~ملك  تسكت لحظة، وبعدين دموعها تلمع لكن صوتها يخرج قوي وتقول بحزم ممزوج بوجع: 
لا يا بابا، مش عايزة أتجوز تاني. حرام عليك، كفاية اللي ضاع بسببك. كفاية اللي اتسلب مني وأنا طفلة. الجبروت اللي إنت عايش فيه ده كسرني، ومش هتكرر تاني.
-الأب يضرب إيده في الطربيزه ويقول بعصبية: 
إزاي لا؟! إنتي بنتي ! وهتتجوزي يعني هتتجوزي. أنا مش هقدر أصرف عليك طول عمري.
~ملك بانفعال ودموع: 
ومين قالك إني عايزة حد يصرف عليا؟! أنا هشتغل، وهكمل تعليمي، وهصرف على نفسي بنفسي. مش عايزة أتجوز تاني عشان ترضى طمعك وتقبض التمن!
الأب يبص لها بغل، لكن صوته يتقطع قدام قوتها. هي تنهار في البكاء، لكن لأول مرة مش بكاء ضعف، بكاء قرار. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
وبتعدي الأيام… تتحول لشهور، والسنين تمشي، وملك تكبر.
كبرت بسرعة أكبر من عمرها، شايلة وجع مش من حق طفلة تعيشه.
كل ذكرى كانت زي شوكة في قلبها: ليلة فرح اتسرق فيها طفولتها، كلمة جارحة من جوز أكبر منها بكتير، نظرة قسوة من أبوها اللي باعها.
لكن رغم الانكسار… كان جواها شعاع نور صغير، بتحافظ عليه زي ما بتحافظ على روحها.
قررت إنها مش هتفضل ضحية. بدأت تشتغل في أي حاجة صغيرة: دروس خصوصية للأطفال، شغل في مكتبة، أي شيء يخليها تقدر تكمل. كانت ترجع البيت مرهقة، عينيها محمرة من السهر والشغل، لكن جواها إصرار: “لازم أحقق حلمي… لازم أثبت إني أقدر.”
التعب النفسي ما سابهاش…
كانت بتخاف من كل صوت عالي، من كل كلمة تهديد، من كل مرة تشوف فيها بنت صغيرة في فستان أبيض.
الكوابيس ما كانتش بتسيبها، كانت تصحى مفزوعة كأنها لسه عايشة الليلة اللي غيرت حياتها. ومع ذلك، كل صباح كانت تلم روحها المكسورة وتقوم تاني.
المدرسة بقت لها ملجأ…
كانت تحس إنها وسط الكتب ترجع طفلة من جديد. كل نجاح صغير كان بيخليها تبتسم وتقول لنفسها: “لسه في أمل.”
وبعد رحلة طويلة من الشغل والدموع والدراسة، وبعد سنين من الصبر والحرمان، جه اليوم اللي استنته طول حياتها…
يوم التخرج.
وقفت ملك في الكلية، لابسة روب التخرج، وشهادة النجاح في إيدها.
دموعها نزلت من غير ما تقدر تمنعها… مش دموع حزن، لكن دموع فرحة ممزوجة بجراح قديمة.
افتكرت الطفلة اللي كانت بتحلم تبقى دكتورة وهي ماسكة كتاب المدرسة، واللي اتسلب منها الحلم ده بدري… لكن رجعته بإصرارها.
اليوم ده كان إعلان انتصارها…
انتصار على الجهل، على القهر، على كل اللي حاولوا يكسروا حياتها.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
زواج القاصرات مش بس ظلم… ده حرام.
حرام لأنك بتاخد طفلة لسه ما اكتملتش جسديًا ولا عقليًا وتحمّلها مسؤولية أكبر من طاقتها.
حرام لأنك بتحرمها من حقها في التعليم واللعب والأمان، وبتحطها في مواجهة مع تعب نفسي وجسدي ممكن يدمّرها.
البنت الصغيرة مش قد بيت ولا زوج ولا ولادة ولا مسؤولية.
اللي بيتجوز طفلة بيظلمها، وبيظلم نفسه، وبيظلم المجتمع كله.
خلي البنت تكبر في أمان…
خليها تتعلم وتحقق حلمها…
عشان الزواج يكون في وقته الصح، بمسؤولية، وبرضا كامل.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
"ودي كانت حكاية ملك، حكاية طفلة اتسلبت منها طفولتها باسم الجواز.كبرت وهي شايلة وجع أكبر من سنها، بس قدرت توقف على رجليها وتكمل تعليمها، وتثبت إن البنات مش سلعة تتباع ولا ورقة تتوقع.
حكاية ملك مش مجرد حكاية، دي صرخة ضد زواج القاصرات.
حرام نحرم طفلة من براءتها، وحرام نحملها مسؤولية مش قدها.
 ودي لا أول بنت تتوجع ولا آخر واحدة. ولسه حكايات البنات كتير.
وفي الآخر… ربنا بيعوضها باللي يستاهلها، ويوريها إن اللي راح كان رحمة، ويداوي جرحها، ويكتب لها بداية جديدة.
انتظروني  في حكاية بنت جديدة." 
-ماما، أنا عايزة أطلّق!
~الام بتنتفض وتصرخ: 
إيه؟! إنتي اتجننتي يا هالة؟! عايزة تفضحينا وسط الناس؟!
إحنا ما عندناش بنات في العيلة بتتطلّق، هتكسفي أخواتك وأبوكي اللي في القبر؟!
الناس هتقول علينا إيه؟!
-هالة بزعيق،و دموعها نازلة: 
 الناس؟! أنا مالي بالناس يا ماما؟!
الناس كانوا فين وأنا كل يوم بانام على دموعي؟
كانوا فين وهو بيهني وبيكسرني؟
كانوا فين وأنا باجري على قرش علشان أأكل وألبس ابني وهو بيعد الفلوس عليا زي الغريب؟
~الام بتشدها من دراعها وتحاول تهديها: 
استحملي يا بنتي، عندك عيل، الراجل مهما كان بيفضل سند، واهو ظل راجل ولا ظل حيطة!
هالة بتشيل إيدها بعنف، وعينيها حزينة:
 هو ده اللي راجل يا ماما؟!
هو ده اللي حيطة؟!
ده لا راجل ولا حيطة، ده نار مولعة في قلبي كل يوم!
أنا بعيش معاه زي الميتة، مش عايشة ولا ميتة. 
بتقف قدام أمها تبص في عينيها بقهر وصوتها بيتهز بس قوي: 
 أنا مش حيطه يسند عليها حد، أنا إنسانة عندي كرامة!
اللي انتوا بتقولوا عليه ظل راجل، ده سيف بينزل على ضهري كل يوم.
أنا تعبت واتبهدلت واتكسرت، ومش هسكت تاني!
~الأم بتبص لها وساكتة، دموعها بتنزل، وهالة تنهار على الأرض وهي ماسكة وشها وتقول بصوت مبحوح لكنه قاطع: 
أنا هطلّق يا ماما، حتى لو الدنيا كلها وقفت ضدي.
~الام بصوت متوسّل: 
يا بنتي استحملي بس، عشان خاطر ابنك يا هالة، عشان يعيش وسط أبوه وامه. 
-هالة بحدة، وصوتها بيرتعش:
 عشان خاطر ابني؟! ويفيد بايه  يا ماما؟!
ابني هيعيش يشوفني مكسورة ومهانة كل يوم؟
هيكبر يفتكر إن الست جارية، وإن الرجولة ضرب وإهانة وبخل؟
أنا مش هطلّع ابن مش ساوي نفسي يا ماما، أنا مش هربيه على الذل زي ما أنا اتربيت على السكوت!
~الام بصوت هادي فيه رجاء: 
 يا بنتي إهدي بس،و فكري تاني، الراجل مهما كان برضو سند.
-هالة بتبص لها بحدة، وصوتها مليان وجع:
سند؟!
ده مش سند يا ماما، ده حبل مشنقة أنا متعلقة فيه كل يوم.
مش هقبل أعيش مع واحد بخيل وأناني، يحسب اللقمة قبل ما يحسب كلمته، مش هقبل ابني لما يكبر يشوفني بنضرّب كل يوم زي ما أنا كنت بشوفك وإنتي بتتضربي.
الأم تحاول تتكلم لكن هالة تقطعها وتكمل، دموعها بتنزل وهي مصممة:
 إنتي طول عمرك كنتي ساكتة عشاننا، بس إحنا شوفنا كل حاجة، شوفنا الضرب، شوفنا القهر،و شوفناكي وإنتي بتنهاري بالليل.
السكوت ما حاماش حد يا ماما، ما علّمناش غير الخوف والوجع.
الأم بتسكت، وتبص في الأرض ودموعها تنزل.
-هالة بصوت هادي لكنه موجوع: 
 أنا مش هعمل في ابني زي ما اتعمل فينا.
مش هسيبه يكبر يشوف أمه مكسورة، وبعدين يطلع فاكر إن دي الحياة.
أنا هوقف ده دلوقتي، عشان ابني يكون راجل بجد، مش نسخة من اللي بيكسرني كل يوم.
أنا مش هربي ابني على الذل، ولا على السكوت، ولا على إن الست تتحمل علشان بس يبقى فيه راجل في البيت.
اللي إنتي كنتي ساكته عليه أنا مش هسكت عليه.
الأم تبص لها بعينين كلها دموع، تحط إيدها على وشها وتهمس لنفسها:
يمكن عندها حق، يمكن أنا اللي علمتها الخوف بسكاتي، يمكن اللي بتمشي فيه هو الصح.
 و أنا كل السنين دي كنت فاكرة إني بعمل الصح، ساكتة ومستحملة علشان العيال. 
مكنتش أعرف إني بسيبها تشوف نفس اللي شفته. 
يارب أنا اللي زرعت فيها الخوف من الناس، وهي طلع عندها حق.
~الام بصوت حاسم، لأول مرة في حياتها: 
 خلاص يا بنتي، كفاية اللي استحملتيه.
أنا في ضهرك، واللي ييجي عليكي ييجي عليا الأول.
أنا اللي عايشة العمر كله ساكته ومكسورة، عارفة يعني إيه الوحدة والخوف والناس اللي ما بيرحموش.
مش هسيبك تمشي نفس السكة اللي مشيت فيها.
-هالة تبص لها مذهولة.
~الام تكمل، بصوت قوي:
اللي يريحك اعمليه، عايزة تطلقي؟ اطلقي.
أنا معاكي في كل كلمة، واللي يقولوا الناس يرموه في البحر.
إنتي وبس اللي يهمني.
إنتي وابنك اللي عايزة أشوفكم مرفوعين الراس، مش مطحونين زي ما أنا اتطحنت.
~الأم تمسح دموع بنتها، وتشدها في حضنها بقوة وتقول بهمس لكنه مؤثر:
 إنتي مش لوحدك يا هالة، طول ما أنا عايشة، أنا ضهرك وسندك.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
بتدخل هالة البيت وهي عزمة علي قرار الطلاق: 
بتلاقي جوزها قاعد على الكنبة ماسك الموبايل ببرود. بتدخل بخطوات تقيلة، ثابتة،و عينيها كلها غضب وبتقول بصوت ثابت: 
 أنا عايزة أطلّق.
•جوزها يرفع عينه من الموبايل بسخرية: 
–إيه؟قولي تاني كدة؟! هو إنتي فاكرة نفسك مين؟! قومي اعمليلي أكل.
-هالة بحدة: 
 لا، المرة دي مش كلام وبس.
أنا عايزة أطلّق، وهتطلّقني.
•جوزها يقوم يقف قصادها، ويشدها من دراعها: 
مفيش حاجة اسمها طلاق، إنتي بتلعبِي معايا ولا إيه؟!
-هالة بتشيل إيده بعنف، وتبص له بثبات: 
 إوعى تمد إيدك عليا تاني، أنا مش الجارية اللي كنت ساكتة.
أنا لو ما طلقتنيش بالذوق، هرفع عليك قضية وأطلع فضايحك للكل.
•جوزها يتنرفز،و يرمي الموبايل على الترابيزة ويقول بعصبية: 
 قضية إيه؟! إنتي فاكرة الناس هتصدقك؟!
-هالة ترفع صوتها:
 أيوه، هيصدقوني.
هيصدقوا إني عايشة مع واحد بخيل، بيعد اللقمة عليا، بيخليني أشحت حقي، ويمسح بكرامتي الأرض.
هقول للناس كلها إنت مين، وهخليك أضحوكة في الشارع اللي إنت فارض نفسك عليه.
•جوزها بيتلخبط،و يحاول يمسك أعصابه:
 طيب، طب وابنك؟ هتضيّعيه؟!
-هالة بعصبية ودموعها في عينيها:
 أنا اللي هربيه، بعيد عنك وعن بخلك وأنانيتك!
مش هسيبه يكبر يشوفني مكسورة زي ما أنا شفت أمي، مش هكرر الغلطة دي.
•جوزها يتنهد بقرف، يزهق وهو ماشي رايح جاي ويقول برفض: 
 خلاص، موافق أطلقك، بس من دلوقتي لا تقوليلي مصاريفك ولا مصاريف الواد، ولا تطلبي مني حاجة.
-هالة تبتسم بسخرية لأول مرة، دموعها تنزل وهي واقفة قوية وتقول بصوت ثابت: 
 أنا مش عايزة منك حاجة
أنا ما صدقت أغور من وشّك.
تسيبه واقف مكانه مصدوم، وتدخل أوضتها بخطوات ثابتة.  
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد الطلاق وهالة قاعدة في شقة بسيطة بس دافية بتلعب مع ابنها الصغير محمود فجأة يبص لها بسؤال بريء.
محمود ببراءة: 
 ماما، هو إحنا مش هنعيش مع بابا؟ ليه؟
-هالة تسكت لحظة، تاخد نفس عميق، تبص لابنها بحنان وتحطه في حضنها وتقول بهدوء: 
 بص يا حبيبي، في رجالة بتبقى موجودة في البيت، بس قلبهم مش موجود معانا.
أبوك، كان واحد منهم.
أنا وإنت محتاجين بيت فيه حب وراحة، مش بيت فيه صريخ وزعل.
محمود يبصلها باستغراب، كأنه لسه مش فاهم: 
 يعني هو وحش؟
-هالة تهز راسها:
 لأ يا قلبي، مش عايزاك تقول عليه وحش.
بس أبوك ما عرفش يكون السند اللي كنا محتاجينه.
وانا مش هخليك تكبر وتشوف أمك مكسورة، أنا عايزاك تكبر وتشوفني واقفة على رجلي، عشان إنت كمان تبقى راجل يسند مراته وما يكسرهاش.
محمود يحضنها، وهي تمسح على شعره وتقول بابتسامة حزينة: 
إوعى تنسى يا حبيبي، الست مش جارية، الست قلبها كبير، ولو اتوجع، الدنيا كلها بتتوجع.
لما تكبر، خلي مراتك تعيش مرفوعة الراس، زي ما أنا بحاول أعيش مرفوعة قدامك.
-هالة في نفيها: 
 يمكن هو صغير ومش فاهم دلوقتي، بس أنا واثقة إن يوم هييجي وهيفتكر كل كلمة، وهيبقى راجل بحق وحقيقي.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
بعد عشرين سنة»»»»». 
 محمود ابن هالة كبر وبقى راجل، مش أي راجل، راجل اتربّى على إيد أمه، اتعلم منها يعني إيه احترام، يعني إيه ست ليها كرامة.
في يوم عادي رجع من شغله، أول ما دخل البيت راح على أمه، ست كبيرة لكن عينيها لسه فيها نفس القوة، وقبّل راسها بحب.
وبعدها باس دماغ مراته وقعد جنبها، اللي كانت بتبصله طول الوقت بدهشة كأنها مش مصدقة النعمة اللي في إيدها.
سارة تميل عليه وتتكلم بتأثر:
محمود، هو إنت جايب الحنية دي كلها منين؟
 انت عمرك ما رفعت صوتك عليّا، عمرك ما خليتني أتحوج لحد، أي حاجة نفسي فيها بتعملها حتى لو على حساب نفسك.
إنت مش زي باقي الرجالة، بجد أنا محظوظة بيك.
محمود يبتسم، يمسك إيدها، ويبص ناحيّة أمه بفخر: 
 أنا كده، عشان أمي.
هي اللي علمتني إن الست مش جارية، وإن الرجولة مش بالصوت العالي ولا بالقسوة، الرجولة بالرحمة.
هي اللي زرعت فيا إن الست لما تتعب لازم تتسند، مش تتكسر.
كل حاجة حلوة فيا، هي من دعوة منها.
محمود يقوم، يبوس دماغ أمه تاني، يرجع يقعد جنب مراته. يمد دراعيه وياخد الاثنين في حضنه.
محمود بصوت هادي مؤثر: 
طول عمري هافضل أقول، أنا ابن ست علّمتني إن الكرامة ما تتباعش، وإن الحب قوة مش ضعف.
لو أنا راجل النهاردة، فالفضل ليها.
كل ده و هالة دموعها بتنزل بابتسامة فخر. 
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
لكل ست:........ 
إوعى حد يقنعك إنك لازم تستحملي عشان العيال.
إوعى حد يقولك "ظل راجل ولا ظل حيطة"…
لأن الراجل اللي ما بيحافظش عليكي، اللي بيكسرك بالكلمة والنظرة، ده مش ظل، ده ظلمة بتدفنك وإنتي عايشة.
العيال ما بيتربوش بالسكوت، بالعكس، السكوت بيورّث القهر.
الولد اللي يشوف أمه مكسورة، بيكبر شايل نفس الكسر جواه.
والبنت اللي تشوف أمها بتتذل، بتفتكر إن ده الطبيعي، وبتكرر نفس الدائرة.
إوعى تظني إنك لما تسكتي "عشان خاطر العيال" إنك بتحميهم…
إنتي بالعكس بتكبريهم في بيت مليان خوف ووجع.
واللي بيتربى على الخوف، ما بيعرفش يبني بيت سوي.
لكن لما توقفي وتاخدي قرارك، لما تختاري الكرامة، إنتي مش بس بتنقذي نفسك، إنتي بتنقذي جيل كامل.
بتربي ابنك يبقى راجل بحق، يعرف يعني إيه الرجولة رحمة مش قسوة. 
وإن الست تتسند وتتحب مش تتكسر وتتهان.
أنتي القوة، وأنتي السند…
الست لما تختار تمشي مرفوعة الراس، هي بتعلّم ابنها إزاي يرفع راس مراته. 
وبتعلّم بنتها إزاي ما تسمحش لحد يكسرها.
ما فيش ست اتخلقت تعيش جارية. 
الست روح وكرامة، ولو راحت كرامتها، بيروح معاها كل حاجة.
فـإوعي........ 
إوعي تقبلي العيشة اللي تكسر قلبك وتدوّس على روحك.
إوعي تسمحي لابنك يشوفك منتهية، وبنتك تشوفك ساكتة.
خليكي واقفة، عشان نفسك، وعشانهم.
خليكي سند، عشان هم يكبروا ويبقوا أحسن.
لأن الأم لو وقفت، تقدر تغيّر الدنيا كلها.
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
"ودي كانت حكاية  هالة مع ظل الراجل…
علّمتنا إن الست ما ينفعش تعيش مكسورة باسم السند." 
وبكده تكون خلصت سلسلتنا…
حكينا عن ليلى اللي المجتمع حكم عليها بكلمة "عنوسة" وحاول يقلل من قيمتها.
وحكينا عن روميساء اللي وجعها غدر جوزها وخيانته.
وعن ملك اللي أبوها باعها وضحّى بيها كأنها مش روحه.
وعن مريم اللي أمنت لصاحبتها وفتحتلها قلبها، لكنها كانت خيانة وطعنة من أقرب الناس.
وحكينا عن ضحى، اللي ما سمعتش كلام أبوها، وقررت تمشي بطريقها، يمكن اتوجعت، لكن علمتنا إن كل بنت ليها الحق تختار، حتى لو غلطت، لأن الغلط أهون من حياة مفروضة.
قصص مختلفة، لكن الوجع واحد.
وجع بنات بيتحملوا ظلم، وبيسكتوا غصب عنهم، وبيعيشوا تحت شعار “استحملي عشان العيال” أو “ظل راجل ولا ظل حيطة”.
لكن الحقيقة اللي اتعلمناها من كل الحكايات دي إن:
الست مش محتاجة تبيع كرامتها عشان حد.
ولا محتاجة تعيش مكسورة عشان عيالها.
السكوت مش ستر، السكوت كسر.
والقهر مش قدر، القهر حاجة لازم نوقف ضدها.
الست لو وقفت على رجليها، مش بس بتنقذ نفسها.
دي بتنقذ أولادها، وبتبني جيل مختلف، جيل يعرف يعني إيه الرحمة، ويعني إيه الرجولة الحقيقية.
يمكن دي آخر سطور في السلسلة…
لكن الحقيقة إن الحكايات لسه مكملة.
ولسه في آلاف البنات اللي جواهم حكايات ما اتقالتش ولسه مستنين يتسمع صوتهم.
خلصت الحكايات المكتوبة، بس لسه الحكايات اللي جوه البيوت ما خلصتش.
ولسه في دموع بتتسطر، ولسه في قلوب موجوعة، ولسه في أصوات محبوسة.
لكن يمكن كلمة واحدة، أو خطوة واحدة، تغيّر المصير.
يمكن حكاية واحدة، زي حكاياتنا دي، تدي قوة لواحدة تانية تقول:
"كفاية، أنا أستاهل أعيش مرفوعة الراس."
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 
تمت بحمدلله

خلصتي؟ الرواية الجاية أقوى وأحلى… تعالي وعيشيها معانا👇

تعليقات